قال الباحث في معهد واشنطن، نداف بولاك، إنه "على الرغم من التقارير المكثفة عن انخراط "حزب الله" في سوريا، إلا أنه لم يتم إيلاء اهتمام كبير بالخبرة التي اكتسبها الحزب هناك أو بالعواقب التي يواجهها في لبنان".


وقال إن وحدة "حزب الله" في سوريا تَنشر في أي وقت كان ما بين 5000 و8000 مقاتل من "القوات الخاصة" المعروفة بـ"كتيبة الرضوان"، والقوات الدائمة المؤلفة من كلّ الوحدات، ومن المقاتلين بدوام جزئي ("عناصر التعبئة") والمجنّدين الجدد الذين خضعوا لتدريب سريع على القتال لمدة 60 إلى 90 يوما، في ما يعدّ تطورا غير مسبوق.

وأشار إلى أن مقاتلي "حزب الله" ليسوا كبش فداء يُرسَلون طُعمة للمدافع، بل إنهم غالبا ما يقودون المعارك ويتولّون إمرة القوات السورية والإيرانية في القتال.

وبين أن "هذا الانخراط العميق في سوريا يؤثّر على النهج العام الذي يتبعه التنظيم في تخطيط عملياته العسكرية وتنفيذها".

واستند بولاك لدراسة أعدّها ضابط في الجيش الإسرائيلي في عام 2014، ليقول إنه "من المرجّح أن ينتهج حزب الله استراتيجية قتالية أكثر هجومية في أي حرب مستقبلية مع إسرائيل؛ بهدف تقصير مدة الصراع".

وأكد أنه "ليس هناك شك في أن بعضًا من قدراته العسكرية تحسنت بشكل ملحوظ؛ فقد تعلّم كيفية استخدام طائراته من دون طيار على نحو أكثر فعالية، فضلا عن الاستفادة بشكل أفضل من صواريخه قصيرة المدى، وتنفيذ عمليات هجومية معقدة".

شعبيا


ولفت بولاك إلى أنه "أدت الحرب في سوريا إلى تراجع شعبية "حزب الله" لدى الشيعة في لبنان، خصوصًا حين أدّت الضغوط المالية إلى تخفيض الرواتب وتقليل الخدمات الاجتماعية".

وردًا على ذلك، وصف التنظيم هذا الصراع بالحرب الضرورية ضد التطرّف السني، حيث استغل السيد حسن نصرالله المخاوف الطائفية واسعة النطاق، ولم ينفك يذكّر بالحاجة إلى تأمين الحماية ضد تنظيم الدولة وجبهة النصرة - الجماعة المنضوية تحت تنظيم "القاعدة".

وقال إن هناك ثلاث نقاط مهمة حول مستقبل حزب الله يجب تذكرّها: "(1) سوف يبقى التنظيم ملتزما بالقتال إلى جانب إيران ونظام الأسد في سوريا، (2) إن الحرب رسّخت مكانته ضمن "محور المقاومة"، (3) إن التحسينات التي شهدتها إمكانياته ستنتقل على الأرجح إلى القوات والتنظيمات الإرهابية الأخرى في الشرق الأوسط. وبعبارة أخرى، فإن التنظيمات التي تدرّبت على يد "حزب الله" أو راقبت تكتيكاته حتى قبل الحرب السورية، مثل القوات الشيعية في العراق، والحوثيين في اليمن، والمنظمات الفلسطينية كحماس والجهاد الإسلامي، من المرجح أن تعمل على دمج تكتيكاته الجديدة في عملياتها الخاصة في السنوات المقبلة.

ركائز أساسية


أما الباحثة حنين غدار، فقالت إن "حزب الله" أرسى ثلاث ركائز أساسية لنشاطاته، وهي: "(1) إنشاء خدمات اقتصادية واجتماعية مستقلة في لبنان (على سبيل المثال، التعليم والإسكان)، (2) التشديد على "المقاومة" المتواصلة لتحرير الأراضي المحتلة، (3) إحياء الذكريات الجماعية لاستشهاد الإمام علي".

وقالت إنه حين بدأ حزب الله تدخله في سوريا، تغيّرت أولوياته واستراتيجياته وخطاباته. أولا، -بالمقارنة مع السابق- خصص نسبة أكبر بكثير من ميزانيته للإنفاق العسكري.

وأكدت أنه على الرغم من استمرار تمويله للخدمات الاجتماعية، إلا أن نسبة أكبر منها وُجهت إلى العائلات والمؤسسات المرتبطة بالبنية التحتية العسكرية لـ"حزب الله"، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها لدعم قواته.

وأشارت إلى أنه أصبحت سياسة "المقاومة" ضد إسرائيل ثانوية مع تحوّل اهتمام التنظيم إلى النزاع السوري. وحاليا، يتردد "حزب الله" علنا في شنّ حرب على إسرائيل.

فيما تخلّى التنظيم، بحسب غدار، عن خطابات "النصر الإلهي". "فبعدما كان "حزب الله" يُعدّ قوة تحقق الانتصارات السريعة والحاسمة، أصبح اليوم قوة تشحن إلى بلادها جثث "شهدائها"، الذين لقوا حتفهم أثناء القتال في حرب خارجية. فالقتال في سوريا لا يفسح الكثير من المجال أمام الانتصارات الإلهية، بل إن الخسائر في الأرواح والهزائم في حلب وغيرها توصف كـ"انتكاسات".

(عربي 21 - معهد واشنطن)