أولاً: الرد بالسباب والتهديدات..
كلما قام أحدٌ من أعضاء المعارضة الشيعية للثنائية القائمة بالنقد والاعتراض ينبري تابعو ومناصرو المقاومة والممانعة للردّ بالسباب والشتم والتخوين، والصاق التهم الجاهزة، فبعد الصهينة والامركة تحضر هذه الأيام تهمة أتباع آل سعود، وما يتبعها من أوصاف ونعوت لا تخطر على بال، ويتبعها طبعا، تهم الارتزاق والخيانة، حتى الخروج من أهل الملّة والدخول في الكفر الصريح، وقد يصل الأمر للتهديد العاري بأنّ "دوركم قادم" . أي حالما ينتهون من التكفيرين سيتفرّغون لهذه الأصوات "المارقة"  وستلقى مصيرها، مصير الخونة وجاحدي فضل المقاومة المستدامة، من جنوب لبنان حتى فلسطين، وصولا حتى مشارف حلب السورية، وربما حتى حدود صنعاء اليمنية.
كل هذا معقول ويدخل في خانة الردود الطبيعية والمتوقعة، حتى التهديد يمكن إدراجه تحت خانة "الحرب الاستباقية"، ألا نخوض حربا شرسة في سوريا تحت هذه الحُجّة؟ إلاّ أنّ آخر ما وصلت إليه الأمور أن كتب أحدهم تعليقا على خاطرة عابرة كتبها أحد أقطاب المعارضة الشيعية بقوله: من كرم أخلاقنا مقعدينكم بحضننا، وتنتفوا بلحيتنا، أنتم شعب ما بيستاهل، بس كرامتنا وأرضنا يستاهل" .هكذا المعارضة عايشة بمهد عيسى في عهد هذا الممانع، الذي يمدح حسن أخلاقه وشهامته وحُسن طويته، فالامتعاظ والشكاوى وإبداء الرأي يستحق في الغالب أقسى العقوبات، لكن "كرامة الممانع" و"قدسية" أرضه تمنعانه من من تأديب المعارضة، فلا يبقى إلاّ أن يمُنّ علينا بحرية القول والتنقل والعيش في أحضان البيئة المحصنة المنيعة.
ثانياً: من يمُنُّ على من؟..
في مسألة المنّ، يذكروننا باؤلئك الذين منّوا على الرسول الكريم إيمانهم، فخاطبهم في آخر سورة الحجرات بالآية الكريمة:"يمنّون عليك أن أسلموا ، قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم، بل الله يمنُّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين" صدق الله العظيم، ونحن إذ لنا في الرسول أسوة حسنة، نقول لكم: لا تمنّوا علينا حرية الرأي والمعتقد، بل نحن نمنُّ عليكم أن أسلمناكم رقابنا تطيحون بها في كل ساح، وأوطئناكم أرضنا وانعامنا وارزاقنا  وأسباب عيشنا، تمرحون وترتعون ما شاء لكم ذلك دون حسيبٍ أو رقيب، وذلك إن كنتم صادقين حسب سياق الآية الكريمة، والعاقبة للمتقين من قبلُ ومن بعد.