ينتظر موظفو المؤسسات الإعلامية التابعة لتيار المستقبل الأخبار الآتية من السعودية حول انفراج الأزمة المالية لزعيم المستقبل، رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري. وتشير المعلومات الواردة من الرياض إلى أنّ التحضير لا يزال مستمراً لتخلّي الحريري عن أسهمه في شركة "سعودي أوجيه"، مقابل سيل من الأموال يمكّنه الخروج من أزمته وتراكم ديونه للمصارف، في لبنان وخارجه، والتي تتجاوز قيمتها نصف مليار دولار أميركي، من قروض وتأخر دفع مستحقات ورواتب الموظفين. ويعوّل الموظفون في "المستقبل" على هذه الأخبار الإيجابية للأمل بنيل مستحقاتهم المالية المتراكمة منذ أشهر، على اعتبار أنّ تأخر دفع الرواتب لموظفي "المستقبل" يتراوح بين سبعة وعشرة أشهر.

لكن في الوقت نفسه، تشير الأجواء الصادرة عن فريق المستشارين المقرّب من الحريري إلى أنّ "حلّ الأزمة المالية سيترافق مع خطة جديدة لإدارة المؤسسات والموازنات الخاصة بها"، وتحديداً في تلفزيون وصحيفة المستقبل، إضافة إلى الموازنة الخاصة بتيار المستقبل كحزب سياسي. ويؤكد أحد هؤلاء المستشارين إلى أنّ الخطة تتضمّن سياسة التخلّي عن عدد كبير من الموظفين، مع التأكيد "على تسديد مستحقات كل منهم وعدم التخلي عنهم". وبالتالي فإنّ مؤسسات المستقبل ستجد نفسها مجدداً أمام حملة صرف للموظفين مشابهة بالموجة التي شهدها القطاع الإعلامي قبل أعوام بعد إقفال القناة الحمراء وتخفيف الأعباء المالية للموقع الإلكتروني التابع للتيار، إضافة إلى إقفال الحريري وفريقه بعض المؤسسات الإعلامية التي تحوّلت إلى "مصادر للعبء المالي من دون أي مردود سياسي أو إعلامي". 

ومع تسرّب هذه المعطيات إلى داخل الجسم المستقبلي، يتضاعف توتر الموظفين المستقبليين والخوف على مستقبلهم المهني، تحديداً لكون واقع الإعلام اللبناني في تدهور مستمر نتيجة الأزمات المالية التي تضرب هذا القطاع بفعل جفاف الدعم الخارجي وانحسار المساعدات المالية عن هذه المؤسسات لعوامل عديدة؛ منها تحوّل الساحة اللبنانية إلى معركة صراع ثانوية في المنطقة (بعد سورية واليمن والعراق) بعد أنّ كانت تتصدّر الأوليات الإقليمية في الأعوام السابقة (منذ اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري عام 2005 وحتى انطلاق ثورات الربيع العربي أواخر عام (2010).

وإذا كانت أزمة الحريري باتت على قاب قوسين أو أدنى من الانفراج، على المستويين الشخصي والمؤسساتي، لا تزال مؤسسات إعلامية لبنانية أخرى تنتظر الحلول، وكذلك يفعل الموظفون فيها. الزملاء الصحافيون في صحيفة "النهار" اللبنانية، لم يقبضوا روابتهم منذ عام كامل، وبات مصير هذه المستحقات المالية مرتبطاً ببيع حصص عقارية لمالكي الجريدة. فسبق أن أبلغت رئيس الإدارة في "النهار"، النائب نايلة تويني، الموظفين أنّ صرف رواتبهم سيتمّ فور بيع أحد الطوابق في المبنى المملوك من آل تويني (مالكي وناشري الصحيفة) في بيروت. وسرت منذ أسبوع معلومات عن بيع العائلة مبنى "النهار" القديم في شارع الحمرا البيروتي، والذي يتضمّن أيضاً دار النشر والمطبعة الخاصة به، من دون وجود معلومات نهائية حول الصفقة الذي تمّت وتفاصيلها، مع تأكيد مصادر مالية متابعة لهذا الموضوع أنّ "قيمة الصفقة ستتجاوز عشرة ملايين دولار أميركي".

مع العلم أنّ المعلومات السابقة كانت تتحدث عن سعي العائلة إلى بيع أحد الطوابق في المبنى الجديد لـ"النهار" في ساحة الشهداء (وسط بيروت)، للخروج من الأزمة المالية. ومن المفترض أن تتوزع هذه الملايين، في حال إتمام الصفقة، على المساهمين في النهار وعلى آل تويني، وهو ما وضع الموظفين المهدورة حقوقهم في كثير من التساؤلات عن الطرف المفترض أن يتكفّل بروابتهم وتعويضاتهم.

ويبدو أنّ موجة بيع الممتلكات لتعويض الخسائر المالية بدأت تضرب في القطاع الإعلامي، وهو ما لجأ إليه أيضاً مالك وناشر جريدة "السفير" اللبنانية طلال سلمان. إذ هجّرت إدارة هذه الصحيفة الموظفين من بعض الطوابق "وذلك بهدف حصر النفاقات (الصيانة والكهرباء والتنظيف وغيرها)، تمهيداً لتأجير الطوابق التي تم إخلاؤها أو استثمارها بشكل آخر"، بحسب ما يؤكد عدد من العاملين في "السفير". فقد حصرت الإدارة مكاتب الصحيفة بخمسة طوابق، لتحاول الاستفادة من الطوابق الأربعة الأخرى، في محاولة لتخفيف الأزمة المالية التي سبق وتذرّع بها "الناشر طلال سلمان" لطرد ثلاثين موظفاً. كما أنّ أجواء الموظفين تشير أيضاً إلى أنّ "موجة صرف أخرى يتمّ التمهيد لها".

 


نادر فوز | العربي الجديد