أعوامٌ كثيرة أمضَتها أنطوانيت ابنة الـ61 عاماً وهي تهتمّ بأخيها يوسف الذي يصغرها بثلاث سنوات بعدما أصيب بفالجٍ خلال صباه، وقد أنهاها أمس بـ7 رصاصات اخترقت جسد من كانت له أماً وأختاً. أعوامٌ كثيرة طُويت في غموض تام، وسط أسئلة لن يستطيع أحد كشفها كَون الجاني انتحَر بعد تنفيذ جريمته. لم تعلم أنطوانيت أنّ رحلتها الى السوبرماركت أمس ستكون الأخيرة في هذه الدنيا، فهي فتحت باب المنزل في حارة صخر استعداداً لإدخال الأغراض، ليستقبلها أخوها حاملاً الرشاش ومُطلقاً عليها 7 رصاصات كانت كفيلة بإردائها قتيلة، وينتحر بعدها.

تقول مصادر قريبة من العائلة لـ"الجمهورية"، إنّ "البعيني كان يعاني اضطرابات نفسية وعقلية نتيجة مرضه وإصابته بفالج في عمر الـ12 عاماً تقريباً، ما جعله يائساً ومُعذّباً، وهو مصاب بشلل نصفي ولا يستطيع الخروج من المنزل الذي يقع في حيٍّ شعبيّ مأهول، كما كان يعاني مشاكل في نظره نتيجة إصابته بمرض السكري وبالكاد يستطيع الرؤية".

عائلة القتيلين المؤلفة من 11 فرداً، إضافة إليهما، كانت تحت تأثير الصدمة، بعض الأخوة الذين توجّهوا الى ساحة الجريمة كانوا مُنهارين، وطلبوا من وسائل الإعلام عدم التصوير احتراماً لحرمة الموتى، في وقتٍ تقول الروايات إنّ البعيني حاول قتل شقيقته منذ ما يقارب السنة، لكنّ محاولاته باءت بالفشل سابقاً.

التحليل الأوّلي


لعِلم النفس في هذه الجريمة رأي متواضع نظراً لغموضها ولكون معالمها لم تتوضّح بعد، فتعتبر الدكتورة في علم النفس العيادي والمحللة النفسانية، مارلين حداد، في تحليل أوّلي لِما وردها من معلومات، لـ"الجمهورية"، أنّ "دوافع عديدة قد تؤدي الى هكذا جريمة، ولهذا يجب معاينة الأمراض التي عايَشها القاتل خلال حياته، خصوصاً أنه كان تابعاً نوعاً ما للضحية بما أنه كان شِبه عاجز"، لافتة إلى أنّ "الفالج إذا أصاب الإنسان في صغره يكون سببه نفسياً، ما يشير الى ضعف نفسي كان موجوداً في الأساس وأصبح ضعفاً جسدياً بعد المرض، خصوصاً أنه أصيب بشِبه عمى، وعندما يصبح المرض جسدياً يعني ذلك أنّ الدفاع النفسي لم يعد موجوداً".

وتقول حداد إنّ "الضعف على الصعيدين النفسي والجسدي أدّيا الى عجزه، وأصبحت أخته بديلة عن الأم بالنسبة إليه، وبطبيعة الحال أصبحا مُنغلقين على نفسيهما بحيث قد يكون قرّر العيش معها أو الموت سوياً، علماً أنّ هذا التحليل هو أوّلي".

وتستبعد أن "تكون المعاملة السيئة أوصَلت الى هذه الجريمة، وإلّا لكان قتلها وبقي حياً"، مضيفة: "قد يكون القاتل مريض عصب "Psychotique"، فعندما يُصاب الإنسان بفالج في عمر صغير جداً، قد يشير ذلك الى أمراض نفسية وراثية حيث أنّ الجهاز النفسي لم يتحمّل وتُرجم ذلك بفالج".

وتضيف: "عندما يُصاب الإنسان باضطراب عصبي، فإنّ ذلك يُفقده الإحساس بالذنب الذي يتمتّع به أيّ إنسان عادي، والذي يردعه عادةً عن أعمال السوء، أمّا الذين يُقدمون على هذه الأعمال فيكونون غير متطورين على الصعيد النفسي".

المنزل الذي بات مسرح جريمة، يبقى الشاهد الوحيد على ما حدث وربما العالِم الوحيد بالخفايا والدوافع، وكونه بعيداً عن الشقق السكنية الأخرى، ستكون الجريمة أكثر غموضاً، وقد تبقى الدوافع مجهولة إلى أجلٍ غير مسمّى.

(الجمهورية)