أكدت مصادر ان ثمة ملامح تحمل معالم تصعيدية في الصراع الداخلي بدأت ترتسم تباعاً بعد فشل جولات الحوار الأخيرة التي أرجئت الى الخامس من أيلول والتي واكبتها ملامح عودةٍ الى المربّع الاول في الأزمة الرئاسية كان من عناوينها البارزة وضْع حدّ لرهانات زعيم "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون على قبول زعيم "تيار المستقبل" رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري بانتخابه رئيساً للجمهورية.

ولفتت المصادر إلى أنه في وقت بدأت ترتفع معه التلميحات العونية الى عدم القبول بتمرير التمديد المتوقَّع لقائد الجيش العماد جان قهوجي لسنة اضافية، بدا واضحاً ان انسداد أفق الأزمة الرئاسية شكّل الدافع الأوّل لهذا المنحى التصعيدي ولو ان طبيعة الخطوات التي قد يُقْدِم عليها الفريق العوني في حال التمديد لقائد الجيش لا تزال غامضة.

ولاحظت الأوساط انه "فيما تتصاعد نغمة الضرب العوني على وتر موقف الحريري الرافض لانتخاب عون رئيساً والمتمسك بترشيح رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية، انبرى الوزيران العونيان جبران باسيل والياس ابو صعب الى تعبيد طريق الرابية - عين التينة في محاولةٍ لتطبيع العلاقات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون عبر زياراتٍ متلاحقة قام بها الوزيران وأطلقا عبرها إيحاءات إيجابية عن تطور العلاقة بين بري وعون.

وأشارت الأوساط الى أن ما يجب عدم تجاهله في نظر هذه الأوساط ان بري تعمّد تسريب انه لم يفتح ملف الرئاسة مع باسيل وأبو صعب، ما يعني ان لا جديد في موقف برّي المتحفّظ او الرافض انتخاب عون ولو من دون إعلانه هذا الموقف رسمياً.

ولفتت الأوساط عيْنها في هذا السياق بما كان نقله المرشح سليمان فرنجية عن بري أخيراً لجهة وجود "تَطابُق مئة بالمئة" بينهما في شأن الملف الرئاسي، أوضحت ان بري كان أبلغ الى قيادة "حزب الله" غداة إعلان الحريري مبادرته بدعم ترشيح فرنجية، انه على استعداد لأن يمشي بأي مرشّح رئاسي باستثناء عون، ما أظهر حجم الودّ المفقود بين الرجليْن.
وتعتقد هذه الأوساط أنه تبعاً لذلك ان عدم حماسة رئيس مجلس النواب لمجيء عون رئيساً للجمهورية لا تقتصر على "الكيمياء المفقودة" بين بري وعون بل تتعداها الى تشكيك الأخير بشرعية البرلمان، اضافة الى تضارُب مصالح بين الجانبين كان "رأس جبل" الخلاف فيها الملف النفطي.

ومن هنا تعتقد الأوساط الواسعة الاطلاع ان تلويح المقرّبين من عون بأن الأشهر المقبلة قد تشهد منحى جديداً نحو المواجهة ما لم تحصل تطورات جديدة في ايلول من خلال الحوار وإقرار قانون جديد للانتخابات لا يمكن تَجاهُله كمؤشرٍ الى تصعيدٍ سياسي داخلي يدفع في اتجاهه الفريق العوني، وانما ينبغي مقاربته في سياق استقراء حدود هذا التوجه وملامحه وانتظار مجموعة محطات أساسية من أبرزها معرفة موقف "حزب الله" الذي لا يبدو ان لديه أيّ اولوية تتقدم انخراطه في القتال في سوريا وحالياً في معارك حلب.

وإذ تشكك الأوساط في ان تكون لدى "حزب الله" رغبة في تجاوُز الستاتيكو الراهن الى اي تصعيدٍ واسع، ألا أنها تلفت الى خطأ استبعاد دعم الحزب لحليفه عون في اتجاهاته التصعيدية متى بدا له ان هذا الدعم سيعوّض عون المراوحة التي يقف عندها الحزب في الملفات الداخلية.

وتضيف الأوساط ان ثمة نقطة حساسة ستظهر قريباً في اختبار حساباتِ كل من "حزب الله" وحليفه العوني حيال المسائل الداخلية وهي موضوع التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي. اذ ان المعطيات تشير الى عدم ممانعة الحزب في التمديد مجدداً لقهوجي الذي يحال على التقاعد الشهر المقبل، أسوة بغالبية الأفرقاء الآخرين. ولذا سيتعيّن على الفريق العوني التحسب كثيراً لأيّ خطوة مثل التهديد بسحب وزيريْه من الحكومة في حال تمرير التمديد تجنباً لهزّ الحكومة.

 


الراي