توقفت الأوساط اللبنانية عند الأوامر الملكية التي أصدرها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بشأن شركة “سعودي أوجيه” التي يملكها رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، وأعلن عنها وزير العمل والتنمية الاجتماعية مفرح بن سعد الحقباني.
وتشمل الإجراءات السعودية تدابير لدفع أجور العمال وتأمين إمكانات مغادرتهم السعودية وتوفير خدمات الإقامة والبقاء.

وقرأت هذه الأوساط الحدث من حيث تداعياته على الوضع المالي للحريري، ومن حيث الإضاءة على طبيعة العلاقة ما بين الرياض و”الحريرية السياسية”.

ورأت مصادر مراقبة أن طبيعة القرارات الملكية لم تأت إنقاذا للشركة التي تعاني من عدم قدرة على دفع رواتب العاملين فيها منذ منتصف عام 2015، بل جاءت استجابة للضغوط التي مارستها دول عديدة، لا سيما فرنسا والهند، دفاعا عن مواطنيها العاملين في الشركة والذين يعانون من انقطاع مداخيلهم كما انقطاع الخدمات المرتبطة بوضعهم الوظيفي والقانوني داخل المملكة.

ولم تر هذه الأوساط في الإجراءات التي أعلن عنها الوزير السعودي، إلا مزيدا من الإدانة لسلوك الشركة التي “لم تف بالتزاماتها التعاقدية وخالفت نظام العمل ولوائحه التنفيذية”.

وذهبت مصادر سعودية إلى اعتبار تدخل العاهل السعودي بمثابة تدبير هدفه الدفاع عن صورة المملكة في الأسواق الدولية وعدم السماح لأزمة “سعودي أوجيه” بإرباك علاقات الرياض مع شركائها الدوليين.

ولاحظت أن لهجة الأوامر التي أفصح عنها الوزير الحقباني تشي بعزم على تحميل الشركة كافة الأعباء المالية التي نجمت عن “حالة خاصة لا تمثّل مشكلة عامة في السوق السعودية”، وهي لا تشبه روح المرسوم الملكي الذي سمح لشركة بن لادن بالعودة إلى العمل في المشاريع الحكومية ورفع الحظر عن سفر كبار مديريها.

ويرى عارفون بملف العلاقة بين الرياض وسعد الحريري بأن المملكة مازالت تعتبر الحريري الشخصية الأساس في علاقاتها بلبنان. ويذكّرون بأن انفتاح الرياض على شخصيات سنّية متخاصمة مع الحريري مرّ من خلال تثبيت الحريري مرجعية أولى يجري اتفاق الخصوم السابقين معه ويتم التحالف معه على ما كشفت الانتخابات البلدية الأخيرة.

لكن هذه المصادر تعترف بأن العلاقة تشوبها ضبابية رغم أن الملك سلمان توجه إلى رئيس الحكومة تمام سلام حين زار المملكة واصفا سعد الحريري الذي كان حاضرا، بأنه “ابننا”.

وتكشف مصادر سعودية مراقبة لسلوك الإدارة الجديدة منذ تبوؤ الملك سلمان عرش البلاد أن تعامل الرياض مع الحريري قد اختلف عن المقاربة التي كانت معتمدة قبل ذلك، وأن العلاقات المالية أصبحت تخضع لمعايير جديدة تعود إلى عقلية الحكم الراهن، لكنها تعود أيضا إلى تحفّظات سعودية على أداء تيار المستقبل في السنوات السابقة رغم التدفقات المالية السعودية التي استثمرت لصالح التيار.

وتذهب هذه المصادر إلى اعتبار لجوء الرياض إلى فصل ملف “سعودي أوجيه” عن ملف العلاقة السياسية مع الحريري بمثابة استراتيجية ذات بعدين لا تخلـط مـا بين الحريــري السيـاسي والحريـري رجل الأعمـال.

ولا يستبعد مراقبون أن تكون إجراءات الرياض لحلّ أزمة العاملين في “سعودي أوجيه” بمثابة رسالة واضحة لسعد الحريري بعدم التعويل على حلّ سعودي تقليدي لانتشال الشركة من مأزقها المالي.

وتوقّعت هذه الأوساط قيام السعودية بإجراءات أخرى لاحقا لحسم مشكلة الشركة بصفتها شركة سعودية في قطاع المقاولات، بغض النظر عن طبيعة العلاقة السياسية مع سعد الحريري.

وطالما قارب زعيم تيار المستقبل العلاقة مع الرياض من بوابة الحلف السياسي، معتبرا جانب الأعمال هامشيا وثانويا في علاقة المملكة التاريخية مع عائلة الحريري.

صحيفة العرب