تقدمت مؤخرا السعودية والكويت برسالة احتجاج إلى الأمم المتحدة تدين استفزازات إيران وتجاوزات زوارقها العسكرية في المياه البحرية الإقليمية المحاذية للمنطقة المغمورة المقسومة.
وحذر مندوبا السعودية والكويت لدى الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي ومنصور عياد العتيبي، من أن الأمر قد يؤدي إلى مواجهات تهدد الأمن والسلم في المنطقة. وأشارا إلى احتمال أن يكون هناك طلب بالتدخل الأممي لوقف هذه الاختراقات في وقت لاحق.

وأوضحت الرسالة أنه طلب من الحكومة الإيرانية في أكثر من مناسبة البدء في مفاوضات بين حكومتي السعودية والكويت كطرف والحكومة الإيرانية كطرف مقابل، لرسم الحدود البحرية التي تفصل بين المنطقة المغمورة المقسومة وبين مياه إيران وفقا لأحكام القانون الدولي، إلا أن الطلب لم يلق أي استجابة من الحكومة الإيرانية.

ويشير تقرير لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ومقره أبوظبي، إلى أن مثل التجاوزات البحرية المنسوبة إلى إيران تعتبر مصدر إزعاج وقلق لدول الخليج العربي وأيضا الولايات المتحدة الأميركية، حيث تنتشر العديد من القطع البحرية الأميركية في الإقليم، لضمان حرية الملاحة والمرور الآمن للسفن، وحرية التجارة العالمية عبر الخليج والمحيط الهندي.

وقد نقلت وكالات الأنباء منتصف يوليو الماضي خبرا مفاده أن الحرس الثوري أرسل 5 قطع بحرية حربية لمراقبة سفينة حربية أميركية تحمل أحد أبرز جنرالات الجيش الأميركي في رحلة ليوم واحد عبر مضيق هرمز، حيث اقتربت القطع البحرية لمسافة نحو 460 مترا من السفينة الأميركية.

واعتبر قائد القيادة المركزية بالجيش الأميركي، الجنرال جوزيف فوتل، الذي يشرف على جميع القوات الأميركية في الشرق الأوسط، أن الاقتراب ظل عند مستويات آمنة، رغم القلق من قلة الوقت المتاح للقوات الأميركية لتحديد إن كانت سفن الحرس الثوري الإيراني تمثل تهديدا. وبين القطع الإيرانية الخمس كانت هناك 4 زوارق سريعة 3 منها مسلحة بمدافع رشاشة، بالإضافة إلى سفينة دورية مزودة بصواريخ موجهة.


ولم تتوقف مخاوف الجيش الأميركي من التصرفات الإيرانية في مناطق بينها مضيق هرمز، رغم توقيع الاتفاق. وقد هددت إيران في شهر مايو الماضي بإغلاق المضيق أمام السفن الأميركية، وذلك على لسان نائب قائد الحرس الثوري حسين سلامي. ورد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية بيتر كوك على هذا التهديد مؤكدا أن “واشنطن ستتعامل باهتمام شديد مع أي محاولة لإغلاق ممر مائي بهذا القدر من الأهمية للاقتصاد العالمي”.

وفي دراسة حول الإبحار في مياه الخليج بعد الاتفاق النووي “الاستفزازات البحرية الإيرانية وتحديات السياسة الأميركية”، صدرت عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تصف الباحثة مليسا دالتون الاستفزازات البحرية بأنها سلاح شديد الخطورة لدى قوات الحرس الثوري، الذراع العسكرية للتيار المحافظ الحاكم في إيران.

وتتعمد قوات الحرس الثوري القيام بهذه الاستفزازات في مواجهة سفن الشحن وسفن البحرية الأميركية وغيرها في أوقات محددة. للترويج لصورة إيران والإيهام بأنها تكتسب قدرا من القوة والنفوذ.

وتوضح دالتون أن الجانب الإيراني يتبع استراتيجية بحرية غير متماثلة ترنو إلى السيطرة على مضيق هرمز، وتتمثل هذه الاستراتيجية في ملء المضيق بأعداد من الزوارق الصغيرة مع استعمال أعداد كبيرة من الصواريخ المحمولة المضادة للسفن، بالتوازي مع ابتكارها عددا من أنظمة الدفاع الصاروخي الساحلي.

وتُرجع الباحثة اعتماد طهران على أساليب الحرب غير المتماثلة إلى أن قدراتها العسكرية التقليدية تواجه العديد من الإشكاليات، ومنها عدم الاهتمام بتحديث وإصلاح القوات الإيرانية البحرية؛ فهي تمتلك نحو 200 سفينة تعود إلى عهد الشاه، علاوة على عدم جاهزية القوات التقليدية للعمليات التي تتطلب تحركا سريعا.

وتؤكد دالتون أن أقصى ما يمكن لقوات الحرس الثوري فعله هو تقييد حركة المرور وعمليات الشحن في الخليج لفترة تمتد من 5 إلى 10 أيام. وفي حقيقة الأمر، فإن تكتيكات الكر والفر التي يتبعها الحرس الثوري الإيراني تعقد الأمور، ما يجعلها قادرة على مهاجمة سفن الشحن أو الإغارة على المنشآت النفطية بسرعة كبيرة ومن دون سابق إنذار.

صحيفة العرب