• كتب الشيخ عباس حطيط على صفحته على الفايسبوك البيان التالي:

    بيان صادر مني "أنا الشيخ عباس حطيط" توضيحا للغط الذي يدور حول المواقف الأخيرة التي صدرت مني ...

    بسم الله الرحمان الرحيم {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ & فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗوَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران 174-173]

    أنا واحد من الشيعة الذين عايشوا الحرمان الشيعي المزمن الذي بدأ من عهد البكوات حتى اليوم . وكنا قد بدأنا بعد ثورة الإمام الخميني (قده) في إيران بمشروع شامل في لبنان لرفع هذا الحرمان المهول وإخراج المحتل الإسرائيلي في لبنان في آن . وقد بدأنا بمشروعنا هذا من خلال ممارستنا السياسية والإجتماعية والثقافية تجاه مجتمعنا الطيب منذ اللحظات الأولى التي سبقني إليها الأبرار في بداية الثمانينات قبل أن ألتحق به في اواخر الثمانينات . حتى كان الواحد منا لا تقر له عين حتى يؤدي خدمة الناس ما استطاع إليها سبيلا . فقمنا بنشر المراكز الصحية والخدمية وخزانات المياه في الأحياء الفقيرة ومساعدة أهلنا الصابرين ومواساتهم بأنفسنا في الظلم اللاحق بهم من النظام اللبناني آنذاك (المارونية السياسية) . وقد "رافق" ذلك قتالنا للمحتل الإسرائيلي وعملائه . وكنا نطير بهذين الجناحين اللذين "لا تقوم" ﻷي مجتمع قائمة إلا بهما معا . حتى كنا نلتذ بالسرور الذي ندخله إلى قلوب الشيعة الفقراء المظلومين الأبرار .

    وبعد نهاية الحرب الأهلية، تسلم سيدنا الشهيد عباس الموسوي موقع الأمانة العامة، رافعا شعار "سنخدمكم بأشفار عيوننا"، معلنا "مواجهة" الحرمان والإهمال بكل أشكاله، كما "مواجهة" الإحتلال . وذلك تحت قاعدة (وليكن ما يكون، فإن كرامتنا فوق كل كرامة وعزتنا فوق كل عزة) . إلا أن "يد الغدر والخيانة" عاجلت السيد عباس واغتالته في وادي تفاحتا في جبل عامل الذي أحبه وعشقه، وذلك بعد ساعتين من مشاركته في إحياء الذكرى السنوية الثامنة لاستشهاد الشيخ راغب حرب في بلدة جبشيت الطيبة . وقد أعلن السيد عباس عن هذا "المشروع المقدس" في ذلك الإحتفال الذي ربط فيه بين إدخال السرور لقلب الشيخ راغب وبين إدخال السرور إلى قلوب الفقراء والمستضعفين . مذكرا بقول أمير المؤمنين (ع) : أأبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى ؟!!

    وبعد استشهاد السيد عباس، تسلم السيد حسن نصر الله الأمانة العامة وله من العمر 32 سنة . فسرنا جميعا في ركابه، وكنا جنودا مطيعين له في قيادته لهذه المسيرة المباركة التي هدفها حماية مجتمعنا من القتل الإسرائيلي ومن ذل العيش . إلا أن السيد نصر الله -ومن حيث لا نشعر- قام بإلغاء شعار "الثورة" الذي كتبناه في رايتنا، واستبدله بشعار "المقاومة"، وهو بالتالي قد قطع أحد جناحي المشروع الكبير الجليل، مكتفيا بالعمل على الحالة العسكرية التي لا قيمة لها إن لم ينتج عنها إحياء المجتمع الذي قدم خيرة شبابه شهداء وجرحى . فإننا لم نحمل البندقية ونقاتل دفاعا عن صحراء قاحلة، كما يظهر في النهاية من إدارة السيد نصر الله للأمور . وللأسف !!

    وقد تقرر مشاركة حزب الله في المجلس النيابي . فحاز نصف نواب الشيعة تقريبا، ونصف بلدياتهم ولاحقا وزاراتهم، والكثير من المواقع الرسمية في النظام اللبناني الحالي .

    وبعد أن تم تحرير الجنوب سنة 2000 من الإسرائيلي، بعد إذلاله على تراب جبل عامل، لم يحرك السيد نصر الله ساكنا على مستوى الجناح الثاني (مواجهة الحرمان) الذي تفهمنا أيام المقاومة عدم التدخل به لظروف المعركة مع إسرائيل . إلا أن ذلك صار منهجا لهذا الأمين العام وسياسة نهائية له، حيث حول حزب الله إلى مجرد منظمة عسكرية تتعاطى "بعض" الشؤون الإجتماعية والثقافية لأهله الذين قدموا أرواحهم فداءا لتحصيل "كرامة الجسد" من القتل الإسرائيلي، تمهيدا لتحصيل "كرامة النفس" عبر تأمين العيش في "مواجهة الإهمال" .

    وبعد أن بلغ السيل الزبى، وتحول السيد نصر الله إلى كادر لااااا يمكن مناقشته، وذلك تحت عناوين واهية، مثل أنه ينفذ قرارات الولي الفقيه . مع أنه إنما أسس الإمام الخميني ولاية الفقيه "الصحيحة" ﻹعزاز الشيعة المقهورين على مر التاريخ، وعلى على كل مستوى . فكيف باتت ولاية الفقيه بنظره سببا للخنوع أمام نظام وواقع كان ولا يزال جائرا ؟! .

    وقد زاد الطين بلة، أن نفس كوادر حزب الله تحولوا إلى تجار ورؤساء اموال وأصحاب شركات، ضاربين عرض الحائط بكل المشروع الذي قمنا ﻷجله أساسا، ومبررين هذه "الخيانة العظمى" بأن الظروف لا تسمح لنا بذلك، وأن معنا شركاء في الوطن وأننا في محيط إقليمي معادي تاريخيا، ووو !! وكل هذا "السحر" الذي يسحرون أعين الناس به، إنما هو تغطية للحياة الرغيدة التي باتوا من خلالها لا يختلفون بشيء عن كوادر أي حزب دنيوي آخر يلهث كوادره خلف الدنيا .

    ومن أخطر أنواع "السحر" الذي يمارسه هولاء، هو إسكات الناس بإسم المقاومة التي حبيبة كل شجاع شريف . مع العلم أن المقاومة هي الجناح الأول، ومهمتها تحصيل "الكرامة الأمنية" في مواجهة الإعتداءات العسكرية، وحزب الله هو الجناح الثاني الذي مهمته هي تحصيل "الكرامة الإجتماعية" . إلا أن سحر هؤلاء الوصوليين الإنتهازيين "المتسللين" جعل الناس يعيشون الذل الإجتماعي والثقافي -تحت عنوان "الكرامة الأمنية" التي أصلا هي من مجهود هذا المجتمع نفسه- ليبدء بتحصيل الجناح الثاني الذي هو "الكرامة الإجتماعية" !!

    وما حصل مؤخرا من تحرك لي، إنما كان بهذا الهدف، من خلال مطالبتي قيادة حزب الله بالقيام بدورها في الجناح الإجتماعي والثقافي الذي بات في أسوا حال . وجلب العزة والكرامة الإجتماعية والثقافية ﻷهلنا، كما قامت وتقوم المقاومة بدورها في الجناح العسكري في تحصيل "الكرامة الأمنية" . وبعد أن أقفلت هذه القيادات آذانها لستة عشر سنة منذ أن تم التحرير، وتوجهت لبناء "خميرتها" الشخصية، كان لا بد من إيصال الصوت بأي وسيلة . أي وسيلة . وليكن ما يكون . إلا أن هؤلاء قد ردوا علي بالإصرار على هذه السياسة الخطيرة علينا، وبدؤا بتوجيه ما "يليق بهم" من سباب وشتائم وتهم مبتذلة وبائسة وبالية، وبدؤا بممارسة حصار قريش للنبي (ص) وأهله عند بداية الدعوة الإسلامية، وصاروا يضغطون على موارد رزقي القليلة أصلا، ليمنعوها عني وعن أسرتي، بقصد الضغط علي لإسكاتي . حيث يظن هؤلاء السفلة أنني مثلهم عبد للدنيا، أباع وأشترى . ثم صاروا يبثون ألسنتهم بين الناس، محاولين تشويه ما أقوم به . وقد أعانهم على ذلك تدخل الإعلام الخليجي البائس، والذي لا يختلف عن إعلام هؤلاء الكوادر المرتزقة بشيء من الرذالة . فصار الإعلام الخليجي يحاول الاستفادة من مواقفي في سياسته الأمريكية الشيطانية ضد حزب الله والمقاومة، مما أوجب علي أن أصدر بيانا الليلة الماضية وأضع الأمور في مواضعها، كي لا يستفيد أراذل العرب من كلامي، ولا يستفيد هؤلاء الكوادر الأراذل مما يذكره الإعلام الخليجي عن مواقفي التي حاول بأسلوب دنيء الإستفادة منها ضد سمعة المقاومة المظفرة وحزب الله الأغر . وكأن بين هؤلاء وأولئك تناغما في الإساءة إلي !!

    في المحصلة، فإن ما بدأت به لحماية المقاومة وحزب الله ومجتمعها الطيب من السياسة المريضة للقيادة "الحالية" لحزب الله، وإعادة بث الروح في المشروع المقدس للسيد عباس الذي أخفاه خلفاؤه "عمدا"، لن يتوقف، حتى يظهره الله أو أهلك دونه . ومن لم يقتل .. يموت . والله ولي التوفيق

    الشيخ عباس حطيط في 2016/7/30