لم يكن يوم الأربعاء الفائت يوماً عادياً في منطقة "الشورى" في قلب حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، فقد وقع اشكالٌ بين عناصر شرطة اتحاد بلديات الضاحية وأصحاب مقهى "القهوة".

بدأ الأمر بورقة انذار وانتهت بتكسير المكان. "على لحظة كان بدي بيع القهوة بعد مشكل مبارح... بس لأ"، هكذا كانت ردة فعل أحد أصحاب المقهى حسن ناصر الذي بدا عليه غضباً كبيراً خلال حديثنا معه. فقد تلقى ناصر في اليوم الدي سبق الاشكال انذاراً من بلدية حارة حريك يجبره على ازالة التعديات على الأملاك العامة، أي الرصيف حيث يضع بعض الكراسي والطاولات. غير أن ناصر امتعض، سيّما أن هناك 3 طبقات يضع عليها أصحاب المقهى الكراسي والطاولات، الأولى هي عبارة عن شرفة، الثانية هي عبارة عن "تراجع بناية" وذلك حسب توصيف صاحب المقهى، وبطبيعة الحال المقصود انها تعود الى ملك خاص، والثالثة الرصيف الذي يعتبر من الأملاك العامة ويمنع التعدي عليه حسب القانون. وقّع ناصر على الاخطار الذي يمهله 24 ساعة للتراجع عن التعديات، وعمل على ازالة الكراسي والطاولات عن الرصيف.
وعند السابعة من صباح الاربعاء، تلقى رسالة عبر "الواتساب" تذكره بضرورة ازالة التعديات، وهذا ما فعله صاحب المقهى الذي تفاجأ عند الثامنة صباحاً بنحو 30 عنصراً من شرطة اتحاد بلديات الضاحية يطالبونه بازالة الرصيف الثاني (تراجع البناية)، وذلك بحسب رواية صاحب المقهى. وأشار الى أن عناصر الشرطة توجهوا اليه بأفظع التعابير، وعاملوه بطريقة وصفها بـ"الهمجية"، لينتهي الأمر بمسدس في رأسه يجبره على الوقوع على احدى الكراسي، "كلبجوني وضربوني، ووضعوني في البيك اب وأخذوني الى المخفر".

 

في المخفر، قرر "الموقوف" رفع دعوى ضد البلدية بتهمة التعدي، "فطلبوا مني التوجه الى الطبيب الشرعي الذي تأخر في الوصول". كشف الطبيب الشرعي على ناصر، ومضى في كتابة التقرير، حينها تلقى ناصر مكالمة ليخبروه: "قهوتك عم تتكسر".
يشير ناصر في حديث مع "النهار" الى أن الفاعلين كانوا "عناصر شرطة اتحاد بلديات الضاحية، غير أن ما حصل لم يكن له علاقة بموضوع المخالفات، فقد وقع تلاسن مع أحد الشبان في الحي، وهرب الأخير وجلس أمام المقهى، فأتى العناصر وتلاسنوا معه وعمدوا الى تكسير المقهى".
في كلام ناصر ثقة كبيرة أن المقهى كان مستهدفاً وهناك "خلفيات" لما حصل، لافتاً الى أن "حزب الله" تدخل في الاشكال كما اتحاد بلديات الضاحية. فقد اتصل به رئيس شرطة اتحاد بلديات الضاحية النقيب علي فران وطلب منه الحضور الى مكتبه صباح الخميس، فاجتمع به في حضور بعض عناصر الشرطة، ورأى الشاب في كلام فران بعض "المماطلة" ، فعلت الأصوات في المكتب.

يقول ناصر انه وكّل محامياً ليدافع عنه في هذه القضية، لافتاً الى ان الأخير شرح له ان القضاء سيقف بين هذه القضية وبين شرطة اتحاد بلدية الضاحية، غير ان ذلك غير كاف، اذ ينبغي معالجة موضوع "الخلفيات" ، وتحل هذه الأمور بالتواصل مع "حزب الله". وهذا ما دفع ناصر بأخذ موعد من النائب علي عمار لحل مسألة الخلفيات التي يفسرها ناصر على انها قد تعود الى الرغبة في "إخراجنا من المقهى ومن حارة حريك" .
حسن ناصر أكد صحة كل الفيديوات والصور المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمتصلة بالاشكال، حتى انه لم ينف صورة الشيخ الذي يحمل سلاحا خلال الأشكال، لافتا الى أن الشيخ هو والد شريكه في المقهى علي فياض (صهره)، مبررا ذلك بان الامر "ردة فعل طبيعية، من والد خائف على مقهى ابنه، ان يشهر سلاحه المرخص في العلن". وانتقد ناصر عناصر شرطة اتحاد بلديات الضاحية ، مطالبا بوضع حد لهذه العناصر، واصفا اياهم بـ"جماعة زعران ولبسهم بدلات"، موجها اليهم رسالة "مش من حقك تجي تضربني".

رئيس بلدية حارة حريك زياد واكد أكد لـ"النهار" أن الاشكال الذي وقع جاء نتيجة تلاسن بين أحد عناصر شرطة اتحاد بلديات الضاحية وأصحاب المقهى، لافتاً الى أن ذلك جاء "بعد سلسلة انذارات تلقاها المقهى نتيجة مخالفات على الملكية العامة".
ونشرت بلدية حارة حريك بيانا أكدت فيه انه "في اطار العمل الدؤوب الذي تقوم به شرطة بلدية حارة حريك بمؤازة شرطة اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، وضمن خطة قمع المخالفات والتعديات على الاملاك العامة، وبعد تلقي العديد من الشكاوى من المواطنين بسبب الازعاج المتواصل. وبعد توجيه العديد من الانذارات والاخطارات لازالة المخالفات والتعديات على الاملاك العامة، قامت شرطة بلدية حارة حريك بالتعاون مع شرطة اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية بحملة لازالتها".

ولفتت الى انه "اثناء الحملة، تعرضت احدى الدوريات من قبل احد المخالفين للشتائم والتهديد واطلاق النار عليها، وبالرغم من ذلك استمرت الشرطة بقمع المخالفات القائمة على الاملاك العامة ومصادرة المحتويات"، مشددة على انها تعمل "ضمن القوانين المرعية الإجراء، وبصدد ملاحقة كل من تعرض لعناصر الدورية بالاساءة والتعدي عليها، امام المراجع القضائية المختصة، وان اي خطأ في تنفيذ القوانين فان الامر في معالجتها يعود الى البلدية لمحاسبة كل من يخالف التعليمات بحسب النظام الداخلي"، مؤكدة ان "العمل بخطة قمع المخالفات سيستمر ولن يكون هناك اي تهاون او سكوت عن اي مخالفة".
وحاولت "النهار" الاتصال برئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد درغام، غير اننا لم نستطع التواصل معه بسبب وجوده خارج لبنان.

 

النهار