"لو كنا شعباً لصرنا ثورة، لكننا جمهور فصار الوطن حفلة".

باختصار هذا ما كانه إيلي صليبي... وهذا ما نحن.
عبارة تختصر إيلي صليبي الإعلامي والأديب. الإعلامي المبدع وأستاذ معظم مذيعي التلفزيون عندما كان الإلتحاق بالتلفزيون أيام القنالين 7 و11 مرجلة، والأديب الذي انكفأ في فترة تقاعده، وراح يكتب ويكتب ويجود، ووضع كتباً عدة وخط على مواقع التواصل الإجتماعي وخصوصاً الفايسبوك آلاف العبارات العبر.
عمل في الإعلام المرئي والمسموع منذ "شركة التلفزبون اللبنانية"، ثم تحولها إلى "تلفزيون لبنان" في تلة الخياط في بيروت و"تلفزيون لبنان والمشرق" في الحازمية في عز حرب 1975 وما تلاها. ورافق المحطة الثانية مذيعاً للأخبار خلال أحلك أيامها، وكان من أوائل الذين تألّقوا مع رفاق له مثل جان خوري المذيع الأول والمسؤول عن الأخبار العربية منذ تأسيس التلفزيون عام 1958 1959، ثم عادل مالك وجمال عباس وعرفان ملص. ثم كان مذيعاً ومقدماً ومنتجاً لمئات البرامج ذات الطابع الإخباري خصوصاً. وبعيد الحرب في لبنان انتقل إلى تلفزيون "المؤسسة اللبنانية للإرسال" مديرا للاخبار والبرامج السياسية ومستشاراً اعلامياً. كذلك عمل في "تلفزيون اوربيت" معداً ومقدماً ومنتجا، ثم في إذاعة "صوت لبنان".
وما لا يعرفه كثيرون أن إيلي صليبي كان من ركائز إذاعة "صوت لبنان"مع الوزير السابق جوزف الهاشم مديرها العام، وابرهيم الخوري رفيقه في تلفزيون لبنان مدير البرامج، وكان صليبي المدير التجاري وهو تمكن من إنهاض الإذاعة فأصبحت تضم 105 موظفين قبل تسليمها إلى حزب الكتائب.
كذلك مما لا يعرفه كثيرون أن صليبي كان مقدماً لبرنامج "برلمان الشعب" الذي كان يبث من "بيت المستقبل" في النقاش الذي كان تابعاً لإقليم المتن الشمالي الكتائبي برئاسة (الرئيس) أمين الجميّل، وهذا التقديم من "بيت المستقبل" جاء نتيجة مساعٍ إلى تقارب حصل بين الشيخ أمين الجميّل وشقيقه قائد القوى النظامية في الكتائب الشيخ بشير الجميّل، وشارك فيها مسؤولون كتائبيون ورجال كبار، كبار، من سياسيين وديبلوماسيين و"عسكر"، وأثمرت إعلان بشير الجميّل الساعة الخامسة بعد ظهر السبت 24 تموز 1982 ترشحه لرئاسة الجمهورية من "بيت أمين" وكان مقدم البرنامج إيلي صليبي: "نعم أنا مرشح لرئاسة الجمهورية".
وما لا يعرفه كثيرون أن إيلي صليبي بدأ عمله في تلفزيون لبنان ممثلاً مع فرقة تمثيلية من الشبان والشابات من بينهم جاندارك أبو زيد فياض التي أصبحت لاحقاً إحدى المذيعات البارزات مع نهى الخطيب سعادة، ولاحقاً مع عدد من الإعلاميات الناجحات مثل سعاد قاروط العشي وغابي لطيف.
وإلى عمله كمذيع ومعد برامج ومعد نشرات أخبار، كتب إيلي صليبي الكثير وجمع بعض كتاباته في "موقف لحظة" و"مزامير ملاح في الزمن " و"عودة النبي" وكتاب "آدم" ونيو سادوم" و"ماريكا المجدلية".
وعندما تغيّر "شكل الإعلام" و"رسالته" الجميلة قرر ايلي صليبي ان يذيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فنشط مطلقاً مئات الخواطر والافكار مسجلاً مواقفه الثورية الناقدة الصارخة للتلفزيون والإذاعات قائلاً كلمته ناصحاً وواعظاً وعاتباً من دون خوف أو وجل.
ايلي صليبي، ذاك الذي شهد عزّ الإعلام وحلوه، انكفأ في "عجقة الإعلام" وطفرته وفوضاه ومرّه، فانزوى في منزله يكابد الحزن على وطن جميل يتلاشى ورسالة تضمحلّ وشمعة تذوب. راح يكتب ويكتب نثراً وشعراً ويطلق "فلاشات" عل نصائحه تجد مَن يسمع ومَن يتّعظ.
فهل لا حياة لمَن ينادي؟

 

حبيب شلوق