يرى مراقبون للشؤون الإيرانية أن مؤتمر المعارضة الإيرانية الذي عقد في باريس أعطى إشارات لافتة وجب التوقف عندها واستشراف مراميها.
وتوقف هؤلاء عند شكل المؤتمر من حيث ضخامة الحشد الذي حضره، بما في ذلك كثافة الحضور الأجنبي، لا سيما العربي. كما توقفوا عند مضامين الكلمات التي صدرت عن مريم رجوي زعيمة منظمة مجاهدي خلق المعارضة، كما تلك التي وردت في مضامين الوفود الأجنبية.

ولفت المراقبون إلى الدعوة العلنية إلى إسقاط النظام الإيراني، أولا بصفته أصبح واردا بالنظر إلى تعدد حالات التململ الداخلي في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وثانيا بصفته أصبح ضرورة للسلم الأهلي الإيراني الداخلي المتوزّع على طوائف وأعراق، وضرورة للأمن الإقليمي العربي الذي يعاني من اختلالات خطيرة سببها التدخل الإيراني المباشر في شؤون كل بلدان المنطقة.

واعتبرت شخصيات عربية حضرت فعاليات المؤتمر أن على النظام العربي السياسي أن يقارب الخطر الإيراني بدينامية جديدة أكثر جرأة ووضوحا، وأن مواجهة استراتيجية إيران تجاه المنطقة العربية، يجب أن تُقابل بسياسة مضادة لا تتردد في استخدام نفس الأساليب الإيرانية، من حيث التدخل للدفاع عن حقوق الأقليات العرقية والطائفية التي تتعرض لاضطهاد منهجي معلن وسط صمت دولي وعربي مريب.

ونُقل عن شخصيات فرنسية حضرت المؤتمر أن المقاربة الغربية للملف الإيراني أثبتت فشلا كبيرا، ذلك أن الاتفاق النووي الذي أبرمه المجتمع الدولي مع إيران، والذي كانت فلسفته تدور حول دفع طهران إلى تطبيع علاقاتها مع العالم من خلال الاتّساق مع شروط العصر، فاقم من راديكالية النظام وتصلّب مواقفه، ما يثبت أن بقاء النظام الحالي لإيران يستند على حالة الفوضى والعبث التي ترتكبها أجهزته وحرسه الثوري، وأن صناعة الفوضى التي تنتجها إيران لضرب دول المنطقة، ليست إلا استراتيجية طويلة الأمد لردّ أي خطر يهدد النظام داخل إيران نفسها.

ولفتت شخصيات إيرانية معارضة إلى أن التصريحات الجديدة التي أطلقها علي أكبر صالحي مدير منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وعضو وفد بلاده في المفاوضات النووية مع مجموعة خمسة زائد واحد، والذي تحدث فيها عن “مؤامرة جديدة تحاك ضد إيران” في تعليقه على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وعلى تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل في تحذير إيران من تطوير صواريخ باليستية.

وقالت هذه المصادر إن قيادة إيران لن توقف برامجها العسكرية، بما فيها النووية، وأنها ماضية في سياستها هذه طالما لم تجد من العالم والمنطقة الرد الجدي الرادع.

وأشارت بعض الأوساط في باريس إلى أن الانتقادات التي وجهتها مريم رجوي إلى واشنطن، وتذكيرها بالخطوات الخاطئة منذ عهد محمد مصدق في 1953 في إيران، تدعو بلدان المنطقة إلى اجتراح المخارج والحلول التي تحمي وجودها ومصالحها بغضّ النظر عن مصالح الدول الكبرى، لا سيما وأن واشنطن وحلفاءها اندفعوا باتجاه الإعداد للاتفاق النووي والتوقيع عليه غير عابئين بهواجس المنطقة وقلقها.

وكانت مصادر أميركية قد أشارت إلى أن المقاومة التي أبدتها المنطقة العربية ضد انتشار النفوذ الإيراني في المنطقة هي التي أربكت الخطط الإيرانية، وهي وحدها التي أوقفت التمدد الذي سمح لمنابر طهران يوما بأن تتحدث عن “امبراطورية إيرانية عاصمتها بغداد”، وعن تبجح منابر أخرى بأن بلدهم قد اجتاح 4 عواصم عربية.

وتضيف تلك المصادر أن طهران باتت في حالة دفاع وانكفأت اندفاعاتها، فباتت خارج الحسابات في اليمن، ومرتبكة النفوذ في العراق، وتمنى بالخسائر تلو الخسائر في سوريا فيما القرار السياسي بيد موسكو، وتعجز عن فرض خياراتها في لبنان وسببت العقوبات المالية رعبا لدى ميليشياتها في لبنان.

العرب