في هذه الليالي المباركة ،ليالي القدر نسمع البعض يناجي المهدي المنتظر ويطلب منه ويستغيث به ونسمع بعض المعممين يقولون للناس :"في هذه الليلة توجهوا للمهدي بحوائجكم وأعمالكم وأن أعمال ليلة القدر تعرض عليه بداية"، فأحببت أن أنقل هذا المقال للشيخ "عبدالكريم آل شمس الدين"* مع التصرف به ..
"ما للإنسان يصد عن هذا الإله العظيم ،ذي العرش المجيد الكريم ،ويستجير بغيره ، ويستغيث بسواه ؟
والأعجب من هذا ،إني عاشرت أناسا هم في موقع المسؤولية الدينية ،يحصرون المصير والمستقبل وحتى تفاصيل الأمور الدولية تحت عمامة مخلوق من عباد الله ، وينتظرون بفارغ الصبر منقذا من الخلق وناصرا من الخلق وهاديا من الخلق ،بينما المنقذ والناصر والهادي أقرب إليهم من دمائهم ،وهو معهم أينما كانوا وهو الله الذي لا إله إلا الله هو العزيز الحكيم ، ينسونه سبحانه ويتوكلون على عباده ،وإن نوقشوا في الأمر ،لفوا وداروا ثم ادعو الزلفى ورجاء الشفاعة ،اللتين بريء الله منهما إذا كانتا في واقع شرك أو جحود :{...ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا }(الكهف : 26).
ليس هذا الكلام تنكرا أو إنكارا للمهدي المنتظر ،ولكن الطامة الكبرى ،التي طم بها أكثر الذين ينتظرون بعثته الميمونة ، هي أنهم نسوا الله ،وتعبدوا لعبده المهدي المنتظر ،الذي ناصيته بيد الله ،والذي لا حول له ولا طول ولا قوة إلا بالله ،فأخذوا ينادونه ويدعونه ،ويسألونه حاجاتهم ، ويشكون له الزمان والأيام والأقوام الظلمة ،وهو إذا كان بعيدا لا يسمع ،وإذا كان قريبا لا يستجيب ،والدليل على ذلك كثرة دعائه وندائه من قبلهم ،وعدم الإجابة من قبله ،ذلك عبر مئات السنين ،بمصائبها وملماتها وكوارثها ،وظلم الظالمين وغدر الغادرين ،وكثرة الوقعات التي شاب ويشيب لها الأطفال .ثم إذا هم قوموا الحصاد والمحاصيل ،رجعوا بخفي حنين .
ومع ذلك ما يزدادون إلا دعاء ونداء وكتابة لافتات : يا مهدي أدركنا ،ويا صاحب الزمان أدركنا ولا مجيب ! 
والله يدمغ هؤلاء ببيناته وحججه وآياته ، يزرعها في عيونهم ويجعلها أغلالا في أعناقهم يقول عز وجل :{قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون●سيقولون لله قل أفلا تذكرون●قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم●سيقولون لله قل أفلا تتقون●قل من بيده ملكوت كل شئ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون●سيقولون لله قل فأنى تسحرون} (المؤمنون : 84_89).
فيا ألله ،يا ربنا وربهم ،يارب العالمين ، أدركنا وأدركهم ولا تجازهم بأقوالهم وأعمالهم فإنهم لا يعلمون .
أنت أرحم الراحمين وأنت صاحب الزمان ، والأزمنة والأمكنة {...مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير }(آل عمران:26)."
* هو : الشيخ عبدالكريم بن الشيخ محمود بن الشيخ أمين بن الشيخ جواد .... بن الشهيد الأول (من كتاب العقل الاسلامي،ص251_253)