ما هو الحدث الهام، بل الخطير، الذي سيقع خلال هذا الصيف وتكون له انعكاساته على كامل المشهد السياسي، والعسكري، وحتى الاستراتيجي في المنطقة؟

 

مصادر خليجية رفيعة المستوى تؤكد ان معلومات لا يرقى اليها الشك تتحدث عن مفاجآت حساسة جداً، لتضيف: "صحيح ان الوضع في المنطقة يبدو كما لو انه داخل الزلزال، لكن ما سيقع سيفضي، حتماً، الى ظهور وضع جديد ويفضي الى ارساء "قواعد جديدة للاشتباك".

وتشير المصادر الى انها المرة الاولى التي تكون فيها اجهزة الاستخبارات في حالة استنفار استثنائي على هذا المستوى، ودون ان تمضي ابعد في التفاصيل، لكنها تلفت الى ان احاديث في هذا الخصوص تتردد في بعض القصور ما يشي بأن تبدلاً ما في المشهد سيحدث، ولكن كيف واين؟ هذا من اسرار اللعبة!

وتقول ان لا علاقة للحدث بالخطوط التي اعدها تنظيم "داعش" الذي استنفر كل شبكاته وكل خلاياه في العديد من بلدان المنطقة، ومع تأكيد التقارير الاستخباراتية ان التنظيم الذي يبدو في حالة هيستيرية في الوقت الآخر يزمع تنفيذ عمليات تفجير واغتيال واسعة النطاق.

لم يعد سراً ان تدابير استثنائية اتخذت في بعض دول مجلس التعاون الخليجي لحماية "الرؤوس الكبيرة" في ظل معلومات غربية بأن التنظيم قد يكون اخترق جهات تعتبر عادة فوق الشبهات وفوق... المخاطر.

ماذا عن لبنان؟ المصادر الخليجية تقول ان الوضع الداخلي اللبناني معقد جداً، لتشيد بالاجهزة اللبنانية التي "قاتلت" على اكثر من جبهة، فهناك عناصر "داعش" و"النصرة" في سفوح السلسلة الشرقية، في حين ان المخيمات البعيدة عن الرقابة المباشرة للسلطات اللبنانية تشهد حركات غير اعتيادية وتشي بان ثمة من يحفر تحت السطح.

بطبيعة الحال، الانظار تتجه الى مخيم عين الحلوة، هو الاكبر، وهو في الوقت نفسه عبارة عن "متحف" تتواجد فيه الفصائل الفلسطينية التي مرّ عليها الزمن، والجماعات المتطرفة التي تخطط للامساك بالمخيم في وقت ليس بالبعيد، وان كان هناك من يتحدث عن توازن دقيق بين اجهزة الاستخبارات في المخيم يجعل من اي تفجير عملية معقدة جداً.

وكانت لافتة تعليقات جهات غربية على الحادثة التي وقعت عند الحدود الاردنية الشمالية عندما فجر انتحاري ينتمي الى تنظيم "داعش" شاحنة محملة بالمتفجرات في مركز حدودي اردني مع سوريا.

السيارة هي من مجموعة سيارات سبق للسلطات الاردنية وزودت بها فصائل معارضة في سوريا، وان كان معلوماً ان هذه السيارات، ومعها اعتدة واسلحة مختلفة، هي مرسلة بالاساس من بلدات عربية، فيما كانت السلطات الاردنية تتولى التنسيق المباشر مع تلك الفصائل.

جهات ديبلوماسية غربية قالت ان الاجهزة الامنية اللبنانية هي وحدها في المنطقة التي لم تلطخ ايديها بالتعاون، على المستوى التكتيكي ام على المستوى الاستراتيجي، مع التنظيمات الارهابية.

واشارت الى ان الاستخبارات التركية والاستخبارات الاردنية التي كانت تشكل الذراع الامامية لاجهزة استخبارات عدة والتي لم تتوان يوما عن التنسيق مع الاجهزة الاسرائيلية في مسائل تتعلق بسوريا وغير سوريا، تلقت تحذيرات من اجهزة اوروبية بان تكون شديدة الحذر في تعاطيها مع تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة".

وتؤكد الجهات اياها ان الاستجابة كانت "صفر" وان كان معلوماً ان الاستخبارات الاردنية، ومنذ حرقت "داعش" على ذلك النحو الوحشي للطيار الاردني معاذ الكساسبة، قد بدأت تفريغ ما في جعبتها لاجهزة استخبارات تقاتل «داعش» وهذا ما يمكن ان يكون وراء عملية اول من امس.

ولا يبرئ مراقبون محايدون السلطات الاردنية من دورها في تسليم مناطق حدودية مع سوريا (طول الحدود375 وهو مماثل لطول الحدود بين لبنان وسوريا) الى تنظيمات متطرفة والى فصائل كان معروفاً انها مخترقة من قبل "داعش".

ولم يعد سراً ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبق ونصح العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني بإحداث تعديل جذري في سياساته حيال سوريا، وعدم الخضوع ان للضغوطات او للاغراءات، التي يتعرض لها والى حد تحذيره من انه اذا ما استمرت الفوضى على ما هي عليه عند الحدود مع سوريا فقد يتحول الاردن الذي يستضيف مئات الالاف من النازحين السوريين الى قنبلة قابلة للانفجار.

الانجازات التي حققتها الاجهزة اللبنانية لا تعني ان لبنان بات بأمن كلي من بعض الهزات الامنية، وبالرغم من ان تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" يمثلان ما يقارب الـ 300 كيلومتر مربع من الاراضي اللبنانية، وتحديداً في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، فان الحدود اللبنانية - السورية التي كانت على الدوام الحدود الاكثر تداخلاً مع سوريا، خلافا لما كان عليه الوضع مع تركيا او العراق او الاردن، تبدو في "وضع قتالي" قياساً على ما يجري عند الحدود الاخرى.

وفي هذا المجال، تعتقد جهات معنية ان التنظيمات الارهابية التي سعت على مدى سنوات الى اقامة بنى اساسية صلبة فوق الارض اللبنانية تبدو الآن شديدة الحذر بعدما تم تفكيك سلسلة طويلة من خلاياها، والى حد التأكيد (تقريباً) أنها اوقفت خططها الخاصة بإنشاء خلايا "عملانية" مهمتها اختراق بعض الاوضاع اللبنانية التي تتسم بحساسية خاصة.

(الديار)