يستعد معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس لفتح أبوابه أمام المواطنين للمشاركة في الافطار الذي دعا اليه الرئيس سعد الحريري غروب الجمعة المقبل.

هناك تحدٍّ كبير ينتظر تيار «المستقبل» في اختباره الأول عقب الانتخابات البلدية وما أفرزته من نتائج لا تزال موضع نقاش عميق داخل «الأروقة الزرقاء» أفضَت سريعاً الى إعلان المكتب السياسي عن تنظيم المؤتمر العام في شهر تشرين الأول المقبل، وإعلان الرئيس سعد الحريري وضع كل الهيئات التنظيمية والأشخاص تحت «تصرّفه» حتى انعقاد المؤتمر وإصدار التوصيات والمقرّرات التنظيمية والسياسية النهائية.

لكنّ ما تشهده مكاتب منسقيّة «المستقبل» في طرابلس أشبه بـ»خليّة نحل» تعمل على مدار 24 ساعة، لمواكبة التحضيرات الخاصة بالافطار الجامع يوم الجمعة 24 الجاري. إذ إنّ قاعة المعارض ستغصّ بالمواطنين من طرابلس والكورة، لاستقبال الرئيس الحريري بمشهدية هدفها الأول والأخير تثبيت واقع لا يتغيّر أو يتبدّل تحت ظروف أو معطيات أو استحقاقات معيّنة.

واقعٌ يتجسّد أكثر خلال الأيام الثلاثة التي سيقضيها الحريري في مقرّ إقامته في الفيحاء، من خلال استقبال الوفود الطرابلسية من مختلف القطاعات والطبقات الشعبية، التي بطبيعة الحال سيكون بعضها غاضباً، فيما سيوجّه بعضها الآخر الانتقادات ويطرح التساؤلات، وهو ما يبتغيه الحريري من هذه الزيارة! فما قام به «زعيم المستقبل» هذه المرة يشير الى أنّ الرجل لا يُريد وساطة أحد في التعاطي مع الناس وقاعدته الجماهيرية، إنما يودّ أن يراهم وجهاً لوجه، ويستعرض معهم هموم المرحلة الماضية وتحدياتها، يريد أن يسمع أوجاعهم، وأن ينصت لمشاكلهم واحتياجاتهم.

 

«الحريرية الوطنية» لا «الحريرية السياسية»

قرّر الحريري أن يزور العاصمة الثانية ليكتشف بنفسه ما حصل، وما هي مسبباته ومبرراته، بعدما أعلن بكل جرأة وشجاعة، تحمّله مسؤولية كل ما حدث، باعتباره على رأس التنظيم السياسي.

يستعد الحريري لزيارة طرابلس وفي جعبته كلام كثير ليقوله للناس، لمحبّيه، لمناصريه، للعاتبين عليه، للمستقيلين من لعب أدوراهم غضباً ورفضاً لبعض القرارات السياسية، لحلفائه، ولخصومه.

لكنّ الأهم أنّ الحريري يتجه الى عاصمة الشمال، لينهي تماماً ما اصطلح على تسميته «الحريرية السياسية»، إذ ليس في قاموسه ما يُسمّى «الحريرية السياسية». في لبنان ولدت «الحريرية الوطنية» وهي تختلف تماماً عن «الحريرية السياسية»، بالشكل والمضمون، بالمظهر والعمق، بالمعنى والمفهوم!

يأتي الحريري ليقول إنّ من يريد أن يكون أميناً على إرث رفيق الحريري ونهجه، عليه أن يتّبع منطق «الحريرية الوطنية»، وأن يبتعد عن الخطابات الغوغائية والاصطفافات المذهبية والطائفية، أن يتبع نهجاً وطنياً عابراً للطوائف والمذاهب، وأن يقدّم مصلحة بلاده الوطنية على كل ما عداها من مصالح شخصية ضيّقة، وأن يحافظ على السلم الأهلي والعيش الواحد بين جميع اللبنانيين، وأن يَعي خطورة شدّ العصبية والغرائز في النفوس، وما تجنيه من إشعال الفتنة وشق الصفوف.

تلك هي الحال الحريرية التي يرى سعد رفيق الحريري نفسه بها، ويعتمدها لتكون «مقدمة دستور» تياره السياسي في لبنان، وما عداها من حالات حريرية متفرقة لا تمتّ لا إليه، ولا الى شهيد لبنان رفيق الحريري بأيّ صلة!

يوم الجمعة القادم، عند غروب الشمس، ستصدح مآذن جوامع طرابلس بالتكبيرة الأولى، بالإيمان الربّاني. بعدها، يقف الحريري رجلاً أمام منبره، مؤمناً بربه، آمناً بين شعبه. تكبّر الأفئدة مع كل كلمة ينطقها بالتكبيرة الثانية، يرى في عيونهم رفيق الحريري… يطمئن لإيمانهم الدنيويّ!

(الجمهورية)