في قراءة مفصّلة لتقريرِ طوني القارح مراقب مباراة الحكمة والرياضي "المشكلة"، يتفاجأ القارئ بالمستوى الركيك للّغة المستعمَلة وللتعابير غير الموضوعية وعدم المهنية في سرد الوقائع وورودها في إطار زمني غير متسلسل، بل بشكلٍ عشوائيٍّ إنتقائيٍّ مبنيٍّ في معظمه على التكهّن لا على الوقائع وبتحيّزٍ ظاهر وعدم حيادية.وفي التحليل الموضوعي والمتجرّد نورد ما يلي:

أولاً: في الفقرة 2 ورد في التقرير حرفياً "أنّ جمهور نادي الحكمة وقبل بدء المباراة بوقتٍ طويل كان يشتم...."

إنّ هذه العبارة "وقت طويل" تدلّ على سوء نيّة هذا المراقب في محاولة لتضخيم الحدث عبر وضعه بإطارٍ زمنيٍّ لا محدود وبالتالي تكبير حجم الاتهام حيث إنّ مفهومَ الوقت في قانون اللعبة أساسي لذلك حدّدت القاعدة 4 المادة 8,2 الوقت القانوني قبل بدء المباراة بـ 20 دقيقة، وبالتالي إنّ البناء على مضمون هذه الفقرة هو باطلٌ قانوناً.

ثانياً: في الفقرة 4 و6 يقرّ المراقب بعجزه عن إخلاء أرض الملعب ومقاعد الاحتياط من غير المخوَّلين أو المؤهَّلين للتواجد في هذه الأمكنة أثناء التحمية ويتكلم عن أنّ الأصول تفرض الإخلاء، وللحال فإنّ القانون هو الذي يفرض الإخلاء وليس الأصول، ولا إمكانية للمساومة في ذلك!

وكيف يسمح الاتحاد والمراقب والحكام ببدء المباراة من دون تأمين الإطار القانوني لها وترك أحد أخطر عوامل الشغب بلا معالجة حتى ولو تطلّب ذلك تأخير المباراة؟

ثالثاً: في الفقرة 7 من التقرير يشير المراقب الى أنّ جمهورَ نادي الحكمة يضيء الأنوار بوجه اللاعبين من دون أن يحدّد زمن هذه الواقعة ولا مقدارَ ضررها أو تاثيرها في اللاعبين ولا حتى الإجراء الذي اتخذه لوقف هذا الخرق في حال ثبوت وقوع الضرر.

رابعاً: في الفقرة 8 يذكر مراقب المباراة حرفياً "أنّ جمهور نادي الحكمة لم يكفّ عن البصق ومحاولة إصابة لاعبي الرياضي والحكام» وفي هذه الفقرة أيضاً لم يحدّد زمن المخالفة ولا مقدار تكرارها، وإنّ تعبير «لم يكف» قد يعني طوال وقت المبارة وهذا أيضاً تضخيمٌ فاضح للوقائع، واسوأ ما هذه الفقرة أنّ المراقب حكم على نوايا المشاهدين حين استعمل كلمة «محاولة»، فإما أنّ الجمهور أصاب اللاعبين والحكام أو أنه لم يُصب، ويبدو جلياً هنا أنّ المراقب من موقع جلوسه استند الى ما نُقل اليه أو ما تخيّله من نوايا ولم يوثّق مشاهداتٍ واقعية.

خامساً: في الفقرة 10 يذكر التقرير ما حرفيّته: «في الربع الثالث رمى الجمهور....." ويسرد مجموعة من الأحداث التي جرت والتي أدّت الى تعطيل المباراة، لكنّ المراقب هنا أغفل تماماً تحديد الدقائق التي حصلت فيها الأحداث وتسلسلها الزمني حيث إنّ الربع هو عبارة عن 10 دقائق وما يعادل 20 دقيقة تقريباً فعلياً فكان على المراقب سرد الأحداث بدقائقها تحديداً.

سادساً: في نهاية الفقرة 10 ينتهي المراقب الى القول إنّ المباراة توقفت لوقت طويل ويبرّر ذلك بإعطاء الوقت لرئيس الاتحاد والامين العام وإداريّي الناديَين لإيجاد الحلّ "في خدمة الوطن واللعبة"، وللأسف ظهر جلياً أنّ هذه العبارة فُرضت لا بل أُنزِلت على التقرير، إذ إنّ لا مكان للخطابات الوطنية في تقريرٍ مهنيٍّ علمي، فهل المقصود تأمين غطاء عاطفي وطني لأخطاء الاتحاد علماً أنّ المراقب يؤكد أنّ المباراة توقفت لأكثر من ساعة.

سابعاً: في الفقرة 11 يقرّ المراقب بعد توقف المباراة لمدة ساعة بقبوله اعتراضات الفريقين وهذا أقصى ما يمكن ارتكابه من مخالفة للقانون، فالوقت القانوني لقبول الاعتراض هو 20 دقيقة بعد انتهاء أو تعذّر إكمال المباراة.

ثامناً: يعود المراقب في الفقرات اللاحقة الى سرد أحداث جرت سابقاً خلال المباراة من دون تحديد زمن وقوعها وكأنه أغفل عنها ثمّ تذكرها فجأة أو أنّ احداً ما ذكّره بها.

في المحصّلة إنّ تقريراً بهذا المستوى المتدنّي من المهنية وعدم الحرفية، والذي يفتقر الى أدنى مقوّمات التقرير العلمي والمبني على التكهّنات والسرد غير المتسلسل للأحداث لا يصلح لأن يكون مستنداً تُبنى عليه القرارات، وإنّ مراقب المباراة الذي لا يبادر الى إيجاد الحلول السريعة لتفادي ما حصل يتحوّل الى ساعي بريد لا أكثر ولا أقلّ.

( الجمهورية)