في انتظار ان تتوصل التحقيقات الى كشف ملابسات عملية التفجير التي استهدفت بنك لبنان والمهجر واستهدفت استطراداً الأركان المتبقية للإقتصاد والليرة اللبنانية، يجب على الجميع من دون استثناء، ان يتذكروا ان الدورة المالية للاقتصاد في عالم اليوم، هي تماماً مثل الدورة الدموية في الجسد الواحد، لا يمكن فصلها أو فرض سياق معيّن عليها أو حتى عزلها عن السياق العالمي.
وفي انتظار نتيجة هذه التحقيقات التي يفترض فعلاً إعلانها لوقف انهيار ما تبقى من الثقة، يجب على الجميع أيضاً ان يتذكروا جيداً ان الإجراءات التي أطلق عليها البعض اسم "الإنتداب الأميركي المصرفي"، مورست سابقاً ضد روسيا بعد دخول القرم ولم تتمكن من ان تتجاوزها، كما مورست ولا تزال ضد إيران التي تستميت حالمة برفعها، لهذا دعونا من كلمة "إنتداب" لأن اقتصاد اليوم بورصة واحدة إما ان تكون فيها لتستمر وإما ان تكون خارجها لتختنق.
وفي انتظار التحقيقات يتعين توجيه تحية الى سعد الأزهري الذي تجاوز كل ما سبق ان وُجّه الى بنك لبنان والمهجر من اتهامات، ووقف على حطام الانفجار قائلاً :"لا لم توجّه إلينا اتهامات ونحن لا نتهم احداً وننتظر التحقيق".
ثم من الضروري والأساسي والملحّ توجيه المقدار الأكبر من التقدير والاحترام الى حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، ليس على كل ما فعله على امتداد الأزمات المحلية والعالمية لحماية الاقتصاد والليرة اللبنانية عندما كانت اقتصادات كبرى تتعثر، بل أيضاً على ما فعله ويفعله لتجاوز واجتياز مشكلة العقوبات الأميركية الواضحة على مالية "حزب الله"، بحيث لا تصيب لبنان كل لبنان بكل بيئاته ومذاهب ابنائه ومنها بيئة "حزب الله"، الذي من مصلحته عدم إنهيار القطاع المصرفي والاقتصاد والليرة.
ما قاله رياض سلامة لمحطة "سي ان بي سي" موجّه إلى واشنطن ويهدف ضمناً الى دعم مساعيه المكثفة أخيراً لإكمال حلقة عمله لرفع خطر العزل العالمي الذي يتهدد الدورة المالية للنظام الاقتصادي اللبناني، وعند "حزب الله" خبراء يعرفون ذلك جيداً. ولكن ماذا نفعل ويفعل الحزب لوقف المتحمسين الذين يوزعون التهم جزافاً، وهو ربما ما خلق ويخلق جواً من التوتر، يسمح بدخول طرف آخر اسرائيل وغير اسرائيل على خط التفجير الارهابي البشع والخطير، الذي يصيب عصفورين بحجر واحد: اولاً قطاع المصارف الذي هو من أعمدة صمود لبنان وكذلك لقمة اللبنانيين، وثانياً وضع الحزب في خانة الاتهام، بما يظهره كمن يطلق النار على الليرة التي يتعامل بها كل لبنان ورغيف الخبز الذي يأكله كل اللبنانيين.
وليد جنبلاط وغيره التقطوا الأمر من هذه الزاوية: "هناك من يريد ضرب القطاع المصرفي اللبناني وحزب الله متضرّر"... صحيح، ولكن متى نوقف الاتهامات ونبحث عن حل ناجع؟

    راجح الخوري: النهار