رامي دعا سمر للخروج ذاك المساء. فوقفَت سمر الحريصة على أناقتها أكثرَ من ساعة أمام المرآة تتحضّر للقاء هذا الشاب الحسنِ المظهر والميسور.

ولكنْ منذ لقائهما الأوّل وقعَ الشرخ، فسكوتُه كان سيّد الموقف. في المطعم جلسَ بوجهها صامتاً مستمعاً إلى أقاصيصها، فاضطرّت إلى أن تتحدّث بشكل متواصل لتكسرَ صمته الثقيل، وكأنّها مغنّية "Solo" تحيي أمسية أمام المقاعد الفارغة.

إرتدى ثيابه الـ Signe و"إجا سَطَّل بوِجّا". صحيح أنّه مهذّب، جدّي، لا يتفوّه سوى "بالكلمة اللازمة"، وحائز على مركز مرموق في عمله، إلّا أنّ هذه الصفات لم تُفِده بجعلِ قلبها يخفق. فكيف لامرأة أن تنجذب إلى رَجل "غاشي"، "لا لونَ له، ولا رائحة، ولا طعم"

على رغم بلوغها سنَّ الثلاثين وبحثِها عن "عريس"، ضاقت سَمر ذرعاً من هذا "البارد الكتوم"، فهي تنتظر من يُسلّيها ويخفّف عنها ويُمتعها برفقته.

  تحبّ "الحربوق"

  ليست سمر المرأة الوحيدة التي تبحث في قرارة نفسها ولاوَعيِها عن رَجل يروي لها القصَص. فقد أكّدت دراسة حديثة أجرَتها جامعة "نورث كارولينا" الأميركية أنّ الرجل البارع في رواية القصص وخلقِ المواقف الذكية المضحكة مرغوب لدى الجنس اللطيف، مقارنةً بالرجل الرصين الجاد أو غير الموهوب بفنّ الحديث والفكاهة والنكات.

  فهي "تنشعِط" برجل يشبه "الفرقيعة"، قادرٍ على تفجير مفاجآته في حياتها، يَسرد الوقائع بشكل فكاهي يبهر المستمعين، مقدام، طموح، مفعَم بالحياة، يضجّ بالأفكار الثورية، ويتمتّع ببُعدِ النظر وبقدرة تحليل شتّى المواقف، على عكس الرجل المستسلم الذي يمنح الأمور أحجاماً مبالغاً بها، ويتعاطى بصرامةٍ وجدّية مع نفسه والآخرين ويعتمد السكوت سلوكاً في الحياة.

  فممّا لا شكّ فيه أنّ المرأة تبحث عمّن يجعلها تضحك.

ويشير البروفيسور جيفري هول، الأستاذ المشارك في دراسات الاتصال في جامعة "كانساس" الأميركية، إلى أنّ كلّما حاولَ الرجل أن يبدو مرِحاً ومثيراً للضحك، انجذبَت إليه المرأة واهتمّت به.

ويؤكّد أنّ الرَجل يستخدم النكتة لجذبِ المرأة.   ويبدو أنّ النساء يربطن بين قدرة الرجل على رواية القصص، وذكائه وتمكُّنه من التقدّم في الحياة المهنية والاجتماعية وتبَوُّء المناصب المرموقة والرفيعة.

ويرى الباحثون القائمون على الدراسة أنّ إتقانَ الرَجل فنَّ الإخبار يوحي لشريكتِه بأنّه قادر أكثرَ مِن غيره على التأثير بالآخرين والوصول إلى مراكز القرار في المجتمع.

  يفضّل الرصينة  

حبُّ عددٍ كبير من النساء للرَجل صاحبِ روحِ الفكاهة يجعلهنّ يَعتقدنَ أحياناً أنّ تمتُّعَ المرأة بسرعة البديهة التي تخَوّلها إطلاقَ النكات المرحة يجذب الرجلَ بدوره إليها.

إلّا أنّ الدراسات تدحض هذا الواقع، إذ لا ينظر الرجل إلى المرأة الراوية والمرحة على أنّها ذكيّة وقابلة للتقدّم في الحياة أكثر مِن غيرها.

  وبحسَب دراسة جامعة نورث كارولينا لا تتفوّق المرأة التي تسرد الأخبار والأحداث والقصص بشكل شيّق، على نظيراتها بالنسبة للرَجل. وتُثبت الأرقام أنّ الرجل يفضّل المرأة الرصينة.

  في هذا السياق تشير دراسة أميركية أجريَت سابقاً إلى ميلِ الرجال للمرأة القوية والجريئة صاحبةِ الشخصية المؤثّرة في المجتمع، حيث تكشف الأرقام أنّ أكثر من 90 في المئة منهم يفضّلون القادرة على الدفاع عن نفسها والناجحة في عملها، بينما يستغلّون المرأة الطيّبة والضعيفة وتلك التي يَعتبرونها "سهلة" بالنسبة لهم.  

مثال صارخ  

مثالٌ عالميّ شهير يَدعم هذه النتائج، وهو زواج الممثّل العالمي جورج كلوني من المحامية البريطانية اللبنانية الأصل أمل علم الدين المعروفة برصانتها. ولا يخفى على أحد أنّ كلوني كان العازبَ الأشهر في هوليوود، وهو عاشرَ نساءً كثيرات قبل أن يستقرّ على علم الدين، متراجعاً عن قراره بعدم الزواج الذي أعلنَه في العام 2007.

  وعن سبب انجذابه لأمل، الذي شغلَ العالم، لخّصَ كلوني السِحرَ الذي جَمعه بها بنقاط محدّدة، لافتاً أوّلاً إلى معاملتها له بشكل طبيعي بَعيد عن التكلّف.

  كما ألمحَ إلى أنّها شكّلت امرأةً صعبة المنال بالنسبة له، فهي لم تَجرِ وراءه، على غرار نساء كثيرات، إنّما "اعتذرَت عن قبول دعوته إلى العشاء مرّتين قبل أن تلبّي دعوته الثالثة". ولم ينسَ كلوني التطرّقَ إلى جدّيتها وتفوّقِها في مجال عملِها، فلفتَ إلى أنّها "محامية ذكية ولامعة وحيوية".

  واقع   وبينما اعتبَر عددٌ مِن الصحف اللبنانية والعربية أنّ سرقة علم الدين لقلب كلوني إنجاز، كانت صُحف أجنبية تتحدّث عن إنجازاتها المهنية وتَعتبر النجم العالمي أقلَّ شأناً منها على الصعيد العلمي والمهني... ولكنّ الأرقام التي ذكرناها تشير إلى أنّ واقعَ اختيار الرَجل المعروف بجاذبيته لامرأة جدّية سُحِرت بشخصيته المغامرة، حالة متكرّرة.

  ( الجمهورية)