يسعى رئيس تيار المستقبل سعد الحريري خلال دعواته لأمسيات إفطار في شهر رمضان لإعادة ترميم تصدّعات ظهرت شقوقها واضحة في الأسابيع الأخيرة.

وما تأكيد الحريري في إفطار بيت الوسط الرمضاني الخميس على أن لا شيء سيربك العلاقة مع السعودية، إلا جانب من أعراض الضرر الذي سببته تصريحات الوزير نهاد المشنوق، والتي لم ترق للعاصمة السعودية، على ما عبّر بقوة سفيرها في بيروت علي عواض العسيري وما سرّبته صحف الرياض، والتي سيحاول الحريري إعادة إنعاشها.

  والتصدّعات لم تصب التيار الأزرق فقط، بل إن ما تسرّب عبر الصحف اللبنانية يكشف خلافا داخل عائلة الحريري نفسها.  

وتتناقل وسائل الإعلام المحلية خلاف بهاء الحريري مع شقيقه الأصغر سعد لاختياره جمال عيتاني رئيسا للائحة التي دعمها في انتخابات بيروت البلدية، مع علم سعد بالخلافات المالية بين عيتاني وبهاء.  

وبغض النظر عن هذا اللغط العائلي، فإن أزمات سعد الحريري تتراكم وبات السعي لمقاربتها ضروريا وعاجلا منذ أن تفاقم ورمها في التصريحات التي أدلى بها الوزير نهاد المشنوق حول مسؤولية الرياض في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز في السياسات التسووية التي انتهجها سعد الحريري، والتي يرى المراقبون أنها وراء انحسار شعبيته التي أظهرتها خصوصا الانتخابات البلدية في طرابلس.  

ويقول قريبون من تيار المستقبل إن الأزمة المالية تضغط بقوة، وأن سلسلة من التدابير المتخذة لجهة تسريح المئات من العاملين واحتمال دمج وإقفال مؤسسات وفتح باب التبرع باتت ضرورية لإعادة الإمساك بتوازن الحريرية.

  وترى هذه الأوساط أن علاقات الحريري مع السعودية لن تعود إلى سابق عهدها، ليس فقط بسبب تحفظات الرياض وملاحظاتها على أداء سعد الحريري وتياره، بل بسبب تبدل أسلوب وشخوص الإدارة السعودية الجديدة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز.

  وتذهب بعض الآراء إلى أن عودة سعد الحريري إلى لبنان لم تكن بسبب خيارات سعودية جديدة في لبنان، بل لحاجة الحريري نفسه إلى إعادة تعزيز علاقاته مع الرياض ومكانته داخل الإدارة الجديدة.

  وسبق أن لاحظ المراقبون إعادة انفتاح الرياض على شخصيات لبنانية سنّية انعكس ذلك مباشرة من خلال انفتاح لوائح الحريري البلدية على تلك الشخصيات في بيروت والشمال والبقاع وصيدا في الجنوب.  

وتتحدث الأروقة البيروتية عن جولة قام بها السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري للدعوة إلى إفطار يجمعه بكافة رؤساء الوزراء السابقين إضافة إلى مفتي لبنان ومفتيي المحافظات، في سعي سعودي واضح للمّ شمل الطائفة السنّية في لبنان.

  لكن متابعين لمجريات مطابخ المستقبل يتحدثون عن ميل داخل التيار لإجراء مراجعة داخلية قد تفضي إلى إعادة انتخاب مؤسسات قيادية جديدة.

  ويتحدث هؤلاء عن أن نقاشا ذا نكهة سعودية يدور حول حاجة المرحلة إلى الرئيس فؤاد السنيورة الذي أثبت صلابة خلال حصار السراي.

  ويلفت المراقبون إلى أن السنيورة كان مدركا منذ فترة طويلة لهذا النقاش، وأنه ورغم ما قيل عن تباينات في الرأي مع سعد الحريري، لم يصرّح بما يربك الإجماع الداخلي، كما فعل المشنوق، ولم يقفز من سفينة تيار المستقبل، كما فعل ريفي.

صحيفة العرب