مرّ خروج «منتخب لبنان» من «بطولة غرب آسيا» التي أجريت في الأردن من دون ضجيج كبير، لأن «صخب» المعركة على لقب بطولة لبنان بين «الرياضي» و «الحكمة» كان أعلى، تماماً كاعتبار المسؤولين عن اللعبة اتحاداً وأندية وشاشات ناقلة أنها أهم من استحقاق وطني كبير يؤهل الى استحقاق أهم مثل «كأس الاتحاد الآسيوي»، الذي سيغيب عنه منتخب الأرز في ايلول المقبل.
وبعد هدوء عاصفة البطولة، اختلفت معايير الانتقاد بين اعتبارها «جريمة»، أو «انتكاسة»، وبين مَن اعتبرها نتائج مقبولة لمنتخب رديف شارك في بطولة أخذت بعداً أكبر من حجمها.
المنتخب فنياً
ليس انتقاصاً من قيمة اللاعبين الذين ذهبوا الى العاصمة الأردنية عمان ليدافعوا عن الوان المنتخب الوطني، لكن حتى الظروف التي غادروا بها لم تساعدهم لتقديم افضل ما لديهم، حتى وإن كان معظمهم من الصف الثاني على صعيد المستوى والقيمة الفنية، في ظل الغياب القسري للاعبي «الرياضي» و «الحكمة» وإصابات البعض الآخر. فاللاعبون الذين شاركوا في عمّان، لعبوا بروح قتالية، ربما لم نشاهدها احياناً عند الاساسيين، وهم بطبيعة الحال وفي ظل انتظار «ترميم» التشكيلة تدريجياً لم يخوضوا التمارين مع بعضهم الا مرات لا تتخطى عدد اصابع اليد الواحدة بقيادة المدرب المجتهد باتريك سابا الذي تسلم مهمته الصعبة قبل اقل من ثلاثة اسابيع على الاستحقاق.
لم يتم حسم اسم اللاعب المدعو للتجنيس الا في الايام الأخيرة، حتى ان مركزه بقي حائراً بين «الارتكاز» او اللاعب القادر على لعب أدوار متعددة الارتكاز منها، وهو المركز الذي يحتاجه منتخبنا «تاريخياً» منذ تجنيس جو فوغل، فتدرب لاعب ارتكاز «الحكمة» السابق تود اوبراين على اساس الخيار الاول، ولكن جاء اختيار جيرون جونسون قبل ثلاثة ايام من الاستحقاق على اساس الخيار الثاني، فقدم الاخير أداء مميزاً لكن الثغرة الحقيقية كانت تحت السلة.
بطولة أهم من منتخب!
لاعبونا في الاردن قدموا افضل ما باستطاعتهم، لكنهم دفعوا ثمن تفضيل حسم بطولة محلية على حساب «المنتخب» وهو أمر قد لا يتحمل مسؤوليته الاتحاد وحده بل الأندية ايضاً معه، فكان الثمن خروجاً من البطولة بثلاث خسارات، منها اثنتان بفارق نقطة واحدة في الوقت الإضافي، وهو ما يدل على الجهد الذي بذله اللاعبون. ولكن مستوى كرة السلة اللبنانية افضل بكثير من ذلك، ومنتخبنا كان حاملاً اللقب في عمان نفسها حين تفوق على جميع المنتخبات المشاركة بفوارق مريحة فكيف نرضى له وللعبة التي يمثلها ان نفضّل على سمعته انهاء بطولة ممكن ان تنتهي بعد اسبوع اضافي وهذا ليس بكارثة على الاندية التي تدفع الملايين، وندع هذا الاسبوع لتحضير ومشاركة المنتخب بلاعبي الصف الاول.
ويقيناً، ان اسبوعاً واحداً من التحضير الكامل، كان ليجعل منتخبنا يتفوق على المنتخب الإيراني الذي أحرز اللقب ليس تفوقاً، فهو لم يظهر بذاك المستوى الكبير الذي كان عليه قبل سنوات، بل ضعفاً لبقية المنتخبات التي يشهد بعضها تغييرات كثيرة في تشكيلاتها، وتعاني بالتأكيد من مشاكل المنطقة حروباً وويلات، لكنها عضت على جراحها، وأقامت المعسكرات لمنتخباتها، لأنها تدرك اهمية السمعة الوطنية.
واذا كان من تعويض عن كل ما حصل يشفي به غليل عشاق اللعبة، نسأل ما هو؟، هل هو بطولة استعراضية بثلاثة أجانب على أرض الملعب مقابل لاعبين لبنانيين اثنين؟، او هو كسب مشاهدة اعلى من خلال عرض اكبر عدد من المباريات مع تغيير مستمر في المواعيد؟ والتلهي معها بقشور التسابق على اي الألعاب اكثر شعبية، مع ان هذا الأمر غير قابل للنقاش محلياً وعالمياً..
نصار: ضميري مرتاح
رئيس «اتحاد كرة السلة» وليد نصار أكد في تصريح لـ «السفير» على خروج المنتخب بهذه الطريقة ان ضميره مرتاح، وان الذهاب بمنتخب رديف كان له أسبابه، معتبراً ان هذه الخطوة لها سلبياتها وايجابياتها، ولا يعني ان الاتحاد كان مهملاً للمنتخب على حساب انهاء بطولة لبنان، مشيراً الى ان الاتحاد المقبل سيستفيد من هذا المنتخب وهو لن يكون موجوداً لعدم نيته الترشح مجدداً.
نصار دافع عن المنتخب الذي لعب في الأردن واكد انه قدم اداء جيداً، وخسر مباراتين بفارق نقطة واحدة، وقال: «بغض النظر عن الاخطاء التحكيمية التي لا احب وضع اللوم عليها، الا ان منتخبنا كان جيداً، لكن بالتأكيد ليس هذا طموحنا، حيث كنا نطمع بالفوز في ثلاث مباريات ونخسر امام إيران، لكن في الوقت نفسه المشاركة مهمة والشباب اكتسبوا خبرة دولية، وهذه ليست اول مرة يذهب منتخب بفريق «ب» وسبق لإيران نفسها ان قامت بهذه الخطوة وتكون هناك ظروف معينة تمنع المنتخب الاول من المشاركة فتستفيد من ذلك بمنح بعض اللاعبين خبرة المشاركات الدولية وهو ما حصل عليه بعض اللاعبين في المنتخب الرديف».
وعن هذه الأسباب المانعة، هل هي المحطة الناقلة لبطولة لبنان أم الأندية، يجيب نصار: «لا، لم تكن المحطة الناقلة هي السبب ويمكن ان تتأكدوا من الاندية التي دائماً كانت ترفض تأجيل المباريات وذهاب لاعبيها خوفاً عليهم من الإصابات، وهي التي تضع الملايين من اجل إحراز الألقاب، وكان يمكن للاتحاد ان يتدخل ويحسم الموضوع لو كان هناك شيء بالغ الأهمية، ولكن بطولة غرب آسيا تؤهل الى «كأس التحدي» التي هي ليست بأهمية بطولة آسيا التي تؤهل الى كأس العالم، فالوضع حينها سيكون مختلفاً، وامام الاتحاد الجديد الذي سيأتي فرصة للاستفادة من بعض العناصر التي شاركت مع المنتخب «ب» في مشروع بناء المنتخب الذي سينافس للتأهل الى كأس العالم».
سابا: خطوة جريئة
من جهته، أبدى المدير الفني للمنتخب باتريك سابا حزنه لعدم التأهل، لكنه في الوقت نفسه اعتبر المشاركة بفريق رديف خطوة جريئة، لأن البعض كان يفضل الانسحاب، مشيراً الى ان قبوله بهذه المهمة على صعوبتها وليس استحالتها كان ممكن النجاح به لولا ان الظروف ازدادت صعوبة في الأيام الأخيرة، رافضاً الحديث عن عدم إيقاف بطولة لبنان لأجل مشاركة أفضل للمنتخب، مكتفياً بالقول: «الكل معني بموضوع المنتخب».
وعن غياب شارل تابت، اكد سابا انه لو كان موجوداً لكان المنتخب فاز باثنتين من المباريات التي خسرها بكل تأكيد وتأهل، ولكن مع اصابة شارل تداخلت بعض العوامل الفنية التي لا يعرفها الا المدربون ومنها اختيار الأجنبي المجنس.
وعن النتائج، أكد باتريك أن الأمر ليس بالحجم الذي يصوره البعض: «بقي لبنان محافظاً على سمعته، فالجميع يعلم أننا ذهبنا بظروف صعبة، وهناك سبعة لاعبين يشاركون مع المنتخب للمرة الأولى، لكن بات للمنتخب بعض العناصر الممكن الاعتماد عليها في المستقبل».

المصدر : السفير