يستغرب النقابي مارون الخولي إزدواجية الخطاب التي يستخدمها الأوروبيون في تعاطيهم مع ملف النازحين السوريين. فمن ناحية، تمارس الدول الأوروبية ضغوطها على لبنان لتطبيق كل معايير النزوح على مختلف الصعد وتقدم وعوداً معسولة بالمساعدات والهبات والتقديمات ولا يرى اللبنانيون شيئاً يذكر حتى إنها تتخذ مواقف قاسية من حيث ضرورة الإيجابية المفرطة في معاملة النازحين وفتح الحدود أمامهم بكل سهولة ومن دون قيود إلا المعاملات الروتينية.

أما الوجه الآخر للخطاب الأوروبي فهو النقيض الكامل، لأن الأوروبيين يبحثون بين بعضهم البعض كل التدابير والوسائل الآيلة إلى إبعاد خطر النزوح السوري عنهم وإبقائهم في لبنان والأردن وتركيا... حتى وصلت الأمور إلى ما أشيع عن موقف أممي بتوطين النازحين في لبنان الأمر الذي نفته الأمم المتحدة.

وفي هذا الإطار يقول الخولي، وهو رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال لبنان، إن أوروبا لم تقدم للبنان ما يذكر بالنسبة إلى حقيقة الخسائر التي يمنى بها لبنان من جراء النزوح السوري. والأهم بنظره أن الحكومة اللبنانية لم تقم بالدراسات الوافية من هذا القبيل، معرباً عن أسفه لأن المسؤولين اللبنانيين يتساجلون في هذا الموضوع من باب الشعبوية أكثر مما يقدمون على خطوات علمية توضح الصورة وتؤسس لمسار معالجة المتطلبات.

ويؤكد الخولي لـ"لبنان 24" أن الأوروبيين يستغلون ضعف الموقف اللبناني الذي يفتقر إلى أي دراسة، وتشتت الأطراف اللبنانية سياسياً، والمأزق الذي وصلت إليه المؤسسات الدستورية والحياة السياسية، مما يدفع بهم إلى التعاطي مع المسؤولين اللبنانيين بفوقية تقوم على شكر لبنان لما يبذله في موضوع النازحين ولما يتحمله مقابل عدم تقديم أي شيء... حتى أنه يتراءى للمتابع أن الأوروبيين غير مهتمين بما إذا كان النازحون سيبقون في لبنان أو سيعودون إلى سوريا.

ويرى الخولي أنه من الأنسب لو يقول الأوروبيون الأمور بكل صراحة وشفافية بدل أن يبقوا على إزدواجية الخطاب بما يذكر المتابعين بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي كان يتهم بقول الشيء وعكسه في آن معاً.

هذا وفي لبنان مليون ونصف المليون نازح سوري تقريباً أكثريتهم من العنصر الشاب بمعدل عمري يصل إلى 30 عاماً بالتالي فإن نصفهم من اليد العاملة.

ويعمل السوريون في كل القطاعات الإدارية والمهنية والتجارية والسياحية والخدماتية والصناعية والزراعية والطبية... إضافة إلى المهن الحرة.

ويشير الخولي إلى أن متوسط الأجور في لبنان يلامس ألف دولار وتقدر القوى اللبنانية العاملة بحوالى مليون شخص، وقد يكون السوريون يقبضون كمعدل وسطي حوالى 500 دولار، وهم في بعض المهن يتفوقون بمداخليهم على اللبنانيين في البناء والأعمال الحرفية والصناعية مثلاً.

وهو يوضح أنه تبين أن اللبنانيين يفضلون توظيف السوريين على اللبنانيين بسبب القدرة على إبقاء السوريين أكثر من الدوام الرسمي والإعتماد عليهم في أمور تتخطى وظائفهم، والأهم الطلب إليهم القيام بمهام إضافية قد يحتاج إليها رب العمل في منزله أو في مجريات حياته اليومية... كل ذلك بالرواتب نفسها أو ببعض إكراميات إضافية... الأمر الذي رفع معدل البطالة في لبنان إلى أكثر من 40%.