سنلتقي الأسبوع القادم بذكرى ميلاد رسول الله (ص) وإننا إذ نتحدث عن رسول الله (ص)فإننا نتحدث عن كل المعاني السامية وكل الأخلاق الفاضلة، ولقد كثرت الشروح في وصف شجاعته وكرمه وفطنته وحكمته وعدله وحِلمه وكل ذلك فيه صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن الحديث عن الابتسامة والفرحة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ربما يكون حديثا غير مطروق بكثرة، وفيه من الآثار الواردة عنه ما يضيء لنا جانبا باسما من حياة الشمس المحمدية الرائعة، فقد روى الترمذي عن عبد الله بن الحارث أنه قال: "ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "
فعلى الرغم من كثرة مشاغل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه كان يدير شؤون أمة ويغرس دين الله في الأرض، برغم جدب هذه الأرض وصخرية التربة التي كان يزرع فيها، ورغم كل ما يحيط به من صعوبات وعداوات.. لكنه كان ينير وجهه بابتسامة عذبة لا تفارقه.. وكان يشارك المسلمين حياتهم.. يحزن لحزنهم، ويفرح لفرحهم، ويشاركهم كل شؤونهم.. ويخفف عنهم بابتسامته العذبة وبشاشته الندية.. وكان يمزح صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن لا يقول إلا حقًّا، وكان لا يحدّث بحديث إلا تبسم.
وقد وصف رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه كان من أفكه الناس، وكان في بيته- صلى الله عليه وآله وسلم- يمازح زوجاته ويداعبهن، ويستمع إلى أقاصيصهن، وكان يحمل الحسن والحسين على ظهره ويداعبهما في ود وحب وحنان.
ومن مزاحه صلى الله عليه وآله وسلم- أنه جاءته يوما امرأة عجوز تقول له: ادعُ الله أن يدخلني الجنة، فقال لها: "يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز"، فبكت المرأة، وظنت أنه يعني ظاهر المعنى أنها لن تدخل الجنة لأنها عجوز، فأخبرها صلى الله عليه وآله وسلم: أنها حين تدخل الجنة لن تدخلها عجوزًا، بل شابة حسناء، وتلا عليها قول الله تعالى في نساء الجنة: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا، عُرُبًا أَتْرَابًا}، أي أنها قبل أن تدخل الجنة ستدخل مصنع التجميل الإلهي؛ ليعيدها شابة كما كانت بكرا، فلا يدخل الجنة عجوز بالفعل..
ومن مزاحه صلى الله عليه وآله وسلم أنه جاءه رجل أعرابي يطلب منه أن يحمله على ناقته، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: "لا أحملك إلا على ولد الناقة"، قال له: يا رسول الله وما أصنع بولد الناقة؟ حيث فهم الأعرابي أنه سيجعله يركب على مولود جديد، فقال له عليه الصلاة والسلام: وهل البعير أو الجمل إلا ولد الناقة؟ هكذا كان يداعب النبي صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين خصوصا العجائز والأطفال والرجال كذلك.
هذا عن ابتسامته صلى الله عليه وآله وسلم .. فماذا عن مرحه وإتاحته للبهجة أن تأخذ حيزها في حياة المسلمين؟
لقد كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يحب إشاعة السرور والبهجة في حياة أصحابه وتابعيه، وخاصة في المناسبات السعيدة كالأعراس والأعياد.
كانت حياة المسلمين مليئة بالحروب ولحظات الحزن والموت والوداع، ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يشجع أتباعه على اغتنام لحظات السعادة والمرح بما أحل الله،". وكان يقول إني أرسلت بحنيفية سمحة "
كان هذا جانبا ضئيلاً من حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. الأسوة الحسنة، والرحمة المهداة.. نذكره في يوم مولده لنذكر به، ونقول له: عليك يا نبي الله السلام 
ونحاول من خلال هذه الكلمة أن نطلق نداءنا الشخصي إلى العالم الإسلامي لضرورة إتخاذ يوم ولادة النبي (ص) يوما عالميا للفرح .. فلتكن ذكرى ميلاد النبي (ص) دعوة ليوم فرح عالمي يشاهدها القاصي والداني وتعيشها العائلات من خلال أجواء السعادة والمرح ويشعر بها الأطفال من خلال الهدايا ، ثم فلتخصص الفضائيات العربية والإسلامية لهذا اليوم برامج البث في موضوعات الفرح والسعادة بعيدا عن كل هذا الحزن الذي يحاصرنا ذات اليمين وذات الشمال .. وبعيدا عن كل ذلك الحقد الذي بفتك بالمسلمين عبر أثير فضائيات الفتن وأبواق التكفير والتضليل والسوداوية الظلامية التي تغلق على أجيالنا كل منفذ من منافذ سلامة الحياة وسلام العالم ..
وكل عام وأنتم بخير وفرح ..وأتمنى من جميع الأصدقاء أن يساهموا بنشر هذه الفكرة وتعميمها وممارستها إبتداءً من الذات والأسرة وصولا إلى المجتمع والأمة لتكون سنة حسنة .