ما زرعته الحروب والقتل والدمار في منطقة الشرق الأوسط، حصدته صحياً عبر جرثومة خطيرة تسمى "داء الليشمانيا الجلدي"، الذي صنفته منظمة الصحية العالمية كـ"واحد من أصل 17 مرضاً من الأمراض المدارية".

ظهرت الجرثومة مؤخراً في سوريا وتنتشر عبر النازحين إلى البلدان المضيفة لهم، كلبنان، وتركيا، والعراق وحتى شرق أوروبا، ما يضع تلك البلاد أمام أكبر تهديد صحي حالياً.  

بحسب صحيفة "دايلي ميل" البريطانية، إن أحد أبرز أسباب ظهور المرض هو "الجثث المتعفنة" وسوء التغذية، وتدمير المنشآت الصحية في سوريا. لكن ما مدى خطورة انتشار الجرثومة وما هو دور وزارة الصحة اللبنانية في التصدي لها ومكافحتها، عن هذا الموضوع، أجرى "لبنان 24" مقابلة مع ﻤﺩﻴﺭ ﻋﺎﻡ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ، الدكتور وليد عمار، الذي أوضح أن "تلك الجرثومة متواجدة منذ 2013 وهي ليست جديدة، مستغرباً سبب انتشار الخبر في وسائل الإعلام الغربية في هذا الوقت بالذات".  

وشرح عمار أن "هذه الجرثومة تنتقل عبر لسعة ذبابة الرمل المتواجدة في لبنان، لكن هذه الذبابة ليست خطيرة في حال لم تمتص طفيليات "حبة حلب" أو "الليشمانيا" كما يسمونها، بل إن خطورتها ناتجة في حال اصيبت بالعدوى من دم مصاب لتنقلها إلى شخص سليم، وهو مرض ينتشر تحديداً في الشمال والبقاع".

  وزارة الصحة: ثلاثة أساليب لمكافته   كيف تكافح وزارة الصحة هذا الوباء؟ وهل نحن امام تهديد صحي؟ يقول عمار: "هناك ثلاثة أساليب، وهي كالآتي: أولاً، قمنا برش المبيدات اللازمة للحد من انتشاره، ثانياً، عالجنا جميع المصابين منه وبأسرع وقت ممكن، ثالثاً، قمنا بتشخيص الحالات منذ ظهورها ودربنا الاطباء على كيفية علاجها عبر الأدوية والحقن"، مشدداً على "أننا نسيطر على هذا الوباء".  

ويضيف: في 2013 كانت نسبة المصابين بهذا المرض كبيرة جداً (1033 مصاباً سوري)، عولجوا جميعهم، أما في 2014، فانخفضت النسبة إلى 663 مصاباً، وفي 2015 شخّصنا 33 حالة، اما في 2016، فهناك 6 مصابين فقط، وهذا إنجاز بالنسبة لنا".  

وفيما الخطر الأكبر يكمن في أن أعراض الجرثومة لا تظهر على الشخص المصاب إلا بعد أشهر (2- 6 أشهر)، وهذا يعنى أن شخصاً ما قد يكون أصيب بالمرض من دون أن يعلم، وبالتالي هناك احتمالات أن تتواجد أعداد لا تزال غير مكشوفة وانتقال العدوى في هذه الحالة لا يمكن السيطرة عليه، يطمئن عمار إلى أنه "في المرحلة الاولى من الإصابة بالمرض، لا تمتص الذبابة العدوى من المصاب وبذلك لا خطورة في انتقال المرض، لكن الخطر يبدأ حين تظهر أعراض المرض بظهور جروح متقرحة".  

لا لقاح حتى الآن   ويشدد عمار على أننا "بعثنا تحذيراً إلى جميع البلديات لضرورة التنبه لهذه الجرثومة، لكننا لم نتكل عليهم، إذ قمنا بدورنا كوزارة بمكافحة الجرثومة، ولدينا مراكز صحية مفتوحة لمعالجة اي حالة جديدة في حال تبلغنا عنها، ومن هنا نؤكد على أهمية أن يتوجه أي مصاب الى تلك المراكز لمعالجته قبل ان تتفاقم الجرثومة وينتج عنها ضرر جسدي بليغ، خصوصا أن لا لقاح متواجداً حتى الآن لمنع الجرثومة من الظهور"، مشيراً إلى أن هذه الجرثومة ليست مميتة لكن ينتج عنها تشوهات بليغة سببها ثقوب عميقة في الأنف والشفاه، وقد تبقى في حال تأخر الشفاء".

  يشار إلى أن هذه الجرثومة تسبب بعض التقرحات المنفرجة على الجلد، وصعوبة فى التنفس، ونزيفا في الأنف، وصعوبة في البلع، وقد انتشر في المناطق التي تقع تحت سيطرة تنظيم "داعش" كالرقة، ودير الزور، والحسكة على وجه الخصوص.

  4% من اللبنانيين غير السوريين مصابون بهذه الجرثومة، هل يمكن أن تتزايد النسبة؟ الجواب نعم، فإن تحسين الأوضاع داخل مخيمات النازحين، والاستمرار في مراقبة الأوضاع.. إلخ مهمات على وزاة الصحة أن تقوم بها للحد من انتشار "الليشمانيا"، لكن المخيف أن عدداً كبيراً من السوريين يتسللون إلى لبنان بطريقة غير شرعية، وبالتالي لا يمكن تنبؤ بالرقم الحقيقي لعدد المصابين الذين قد ينقلون هذا المرض، في ظل عدم القدرة على ضبط الوضع داخلياً.

لبنان 24