لأنّ لا عادل كرم يدفع لنا كمبيالات البنك ولا هشام حداد يؤمّن لنا الاستشفاء والتعليم المجاني، لا بدّ أن نعتمد الموضوعية العذراء لطيّ صفحة هذا الموسم من "هيدا حكي" و"لهون وبس" والمراهنة مع الجماهير على الإسم الذي ممكن أن يعود بزخم في الموسم المقبل.  

الكوميديا لا تدفع فواتير، لكنّها تبلسم أهوال الدفع والحسابات غير المكتملة أبداً... ويتنافس عادل وهشام على من يكون الـ"Airbag" القادر على امتصاص أكبر قدر من هموم المواطنين وصرفها ضحكاتٍ وقهقهات.  

عادل وهشام، ولسوء حظّهما، يعملان في إعلام يشبه أيّ شيء آخر في البلد، وكلاهما يأكل من سلّة البَيض التي يمتلك نصفَها الفنّان أو النجم، وكلّ ما يتكسّر من البيضات يُحسَم من شعبيتهما وكلّ ما زاد يضاف إلى غير حساباتهما.

  في الحلقة الأخيرة من هذا الموسم، ظهر عادل وهشام في حلقتين متوازيتين (Parallel) إلى حد كبير في شكليهما وتركيبتيهما، كيف لا وهما يتناتشان المشاهدين الجالسين على نفس الصوفا.

الأوّل حاولَ إغواءنا بنانسي عجرم والثاني بمروان خوري، وبفضل نعمة الربّ وقوّة الريموت كونترول وأعجوبة الباسكتبول شاهدنا الإثنين، فضحكنا كثيراً مع هشام حداد بنوعية الكوميديا التي تشبهنا كثيراً ونحن "راخيينا وآخدين راحِتنا"، وبالكاد ابتسَمنا مع عادل كرم الذي يفَركشنا بأسلوبه الذي يجمع بين صناعة السكتشات وابتكار النكتة الجاهزة، فتضيع معه الضحكة، هذا في الشقّ الكوميدي من الحلقة أو الـ"Stand Up".  

ولكن عندما دخلَ الضيفان، عفواً النجمان إلى البلاتو، سلحبَ معهما نسيمٌ أشعرَنا بملل انقرضَ مثيله مع حضارة المايا كمن يستعيد نصّ قراءة من صفّ السانكيام، ووجَدنا أنفسَنا، بعد شي 20 أو 30 دقيقة، مسَطّلين وفاتحين فمَنا نصفَ فتحة وننظر إلى الشاشة مطمّشين من غير أن نلتقط أيّة مادة تضيف شرقوطة ضِحك أو ابتسام أو حتى شعور بالتسلية، بسبب الكلاسيكية المفرطة في طرح الأسئلة، من هشام وعادل، وعدم النجاح في انتشال تصريح أو قفشة أو أي شيء جديد من الضيوف.

  وعِلّة كرم وحداد أنّهما لم يتمكّنا، ولأسباب تفرضها عليهما المحسوبيات والعلاقات العامة والرايتنغ، أن يستضيفا أبداً إسماً يحشرانه في الزاوية وينهالان عليه بأسئلة تطبش لها كفّة الميزان لصالح المشاهد... الفحمات دائماً جاهزة والمبخرة حاضرة لتطويب الضيوف والتأكيد دائماً وأبداً على عدم ارتكابهم الأخطاء ومثاليتهم الفاضحة في الحياة المهنية والاجتماعية.  

وسيبقى الإعلام في لبنان يقتبس من الغرب فقراتٍ وأفكاراً وبرامج، حتى يأتي اليوم الذي يظهر فيه إعلاميّ واحد أقوى من كلّ ضيوفه، إعلاميّ لا يهاب طرحَ أيّ سؤال بأيّ طريقة يريد، حتى يتأنسنَ الضيوف ويصبح المشاهد ملكَ الشاشة.

  يعتمد عادل كرم على كاريزما نادرة تجعله محبّباً على قلوب المشاهدين، وعلى إبداع المخرج ناصر فقيه ونشاط المنتج الـ"Well Connected" طارق كرم الذي يأتي بضيوف الصفّ الأوّل... ولكنّ كرم يبيع وزنات برنامجه ويفرّط بشعبيته بقلّة الإعداد والاستهتار بثقافة مشاهديه.

أمّا هشام حداد، فيخوض الحرب بالمقلوب ويحاول كسبَ بَياض أسنان مشاهديه بالعمل الجاد والسعي الدؤوب إلى ابتكار النكتة التي تشبه المشاهد.

  يرى كثيرون أنّ عادل مهضوم وكاريزماتيك، وهشام حداد "تقيل الدم"، ولكن مثلما تضيف الكاميرا بضعة كيلوغرامات، فهي قادرة أيضاً على تضخيم الهضامة أو نسفِها.

والشاطر الذي يقدر على إشباع فجعنة المشاهد، الذي يتوقع أن تنصِفه الشاشة أكثر من الحياة وتمنحه المشاعر التي يضيّعها بين هموم يومياته.  

( الجمهورية)