يتمادى حزب التحرير في تحدي الدولة والاستخفاف بتلويح رئيس الحكومة الحبيب الصيد بحل الحزب على خلفية دوره في الاحتجاجات العنيفة التي وقعت منذ أسابيع في مدينة قرقنة (جنوب شرق).

وحذر الحزب في بيان له الثلاثاء الحكومة من عواقب منع عقد مؤتمره السنوي بالعاصمة تونس السبت المقبل.

وقال الحزب إنه سيضطر لعقد مؤتمره السنوي في الشوارع مع أنصاره في حال استمرت الحكومة في رفض الطلب الذي كان تقدم به إلى السلطات الأمنية، بدعوى إمكانية الإخلال بالأمن العام.

وأضاف أن “البوليس السياسي بطريقة غريبة شاذّة أرسل يعلمنا برفضه عقد مؤتمر الخلافة لما يمكن أن يترتّب عنه عقد هذا المؤتمر من إخلال بالأمن العام”.

ويرى متابعون للشأن التونسي أن لغة التحدي التي تسيطر على نص البيان تكشف استهانة الحزب بالحكومة التي سبق أن وجهت تحذيرات للحزب تدعوه إلى تغيير قانونه الأساسي حتى يكون مطابقا للدستور، وهددت بالدعوة إلى حله أمام القضاء.

واتهم المتابعون حكومة الصيد بتمكين الحزب من الوقت الكافي لاختراق مؤسسات الدولة، والترويج لخطاب متشدد يتعارض مع النظام الجمهوري والدولة المدنية.

وتحصل الحزب على تأشيرة العمل السياسي في 2012 في فترة حكم حركة النهضة ذات الخلفية الإخوانية. ويجاهر مسؤولو الحزب بمعاداة الديمقراطية والانتخابات، ويرفضون الاعتراف بالدستور بزعم أنه يتنافى مع الشريعة.

وأشار مراقبون إلى أن خطورة حزب التحرير ليست فقط في دعوته إلى إحياء الخلافة، ولكن في الفكر المتشدد الذي يتبناه ويعمل من خلاله على تقويض الدولة المدنية، كالدعوة إلى الفصل بين النساء والرجال. وسبق له أن عقد مؤتمرا خاصا بنساء الحزب في 2012، ورفض خلاله استقبال المراقبين والإعلاميين من الرجال.

ويعترف حزب التحرير في تونس بأنه فرع من حزب أكبر موجود في الخارج، ومهمته تنفيذ أوامر الخارج وتطويع أنشطة الحزب وأفكاره وفق هذه الأوامر، وهذا أحد أسرار معاداته للدولة التونسية وخاصة مجلة الأحوال الشخصية.

وتسلل أنصار الحزب إلى المساجد في فترة الفوضى التي عقبت احتجاجات 2011 وخلال حكم حركة النهضة، وهو ما يفسر تلويح الحزب باستعمال المساجد في الضغط على الحكومة للسماح بعقد مؤتمره. وكان أبرز من تولى الخطابة في المساجد الناطق باسم الحزب رضا بالحاج.

ويعمل حزب التحرير على استثمار الأزمة التي تعيشها الحكومة، وخاصة لجوءها للحصول على قروض من الصناديق الدولية، مستعيرا خطاب اليسار في مناهضة الرأسمالية ليتقرب من النخبة ويحتمي بها في حال قررت الحكومة مواجهته.

وجاء في بيان الحزب “إننا في حزب التحرير (ولاية تونس) نرفض هذا المنع وهذه الوصاية على أعمالنا السياسية من حكومة لا تنفك تفرط في البلاد للمستعمر في كل قراراتها وأعمالها”.

وأضاف البيان في تحد “نحن ماضون في طريق إقامة الخلافة التي ستقطع أيادي المستعمرين الكفار في أميركا وبريطانيا وفرنسا وعملائهم وستجلب الخير للمسلمين وللبشرية كافة”.

وأكد الحزب في بيانه “إذا كنتم تظنون أنكم بأعمالكم هذه ستحولون بيننا وبين الناس فأنتم واهمون، بل ستكون الشوارع والميادين والمساجد منابر لنا نلتحم فيها بأهلنا ندعوهم ونمضي بهم ومعهم إلى إقامة الخلافة”.

وكان الحزب استفاد من فترة حكم حركة النهضة ليظهر في وسائل الإعلام ويسوق لنفسه خاصة بعد منحه تأشيرة العمل القانوني، وهو ما دفع محامين وسياسيين إلى المطالبة بحله ومساءلة الجهات التي منحته الغطاء القانوني والسياسي.

ويعيش حزب التحرير الآن في حالة صدام مع حركة النهضة التي تسعى إلى التبرؤ من مسؤولية منحه التأشيرة.

ورفضت قيادة النهضة أن توجه الدعوة لمن يمثل حزب التحرير في مؤتمرها الأخير لتجنب الإحراج الذي يسببه لها في ظل دعوات متتالية لحله، وهو ما قابله الحزب بتصريحات نارية تتهمها بالخيانة والعمالة.

 

العرب