شكّلت دول الخليج، التي تعاني من انخفاض دخلها المعتمد على النفط، أمس، هيئةً جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي في ما بينها، وذلك خلال قمتها التشاورية السادسة عشرة في مدينة جدة، والتي عكست رغبة سعودية في تدعيم وحدة الموقف الخليجي في وجه التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه دول «مجلس التعاون».
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، تحدث الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني عن ضرورة العمل على «توحيد الرؤى الاقتصادية المختلفة» في منطقة الخليج، فيما لفت الجبير إلى أن الهيئة التي شكلت ستتخلص من عبء بطء الإجراءات المتخذة في ما يتعلق بالقرارات الاقتصادية المشتركة.
وتطرق وزير الخارجية السعودي إلى الأزمات في سوريا واليمن، مجدداً التأكيد على أن الحل في سوريا يكمن في إرسال قوات برية، وهو خيار «قائم دائماً»، في وقت جدّد دعم بلاده لمفاوضات الكويت اليمنية رغم «الخروقات التي تصيب الهدنة».
وأعلن في بيان في ختام القمة الخليجية التشاورية السادسة عشرة التي عقدت في مدينة جدة، وترأسها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، عن تشكيل «هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية» التي تهدف الى تعزيز الترابط والتكامل والتنســيق بين دول المجلس في جميع المجالات الاقتصــادية والتنــموية، وتسريع وتيرة العمل المشترك لتحقــيق الأهداف التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون».
وأجبر انهيار اسعار النفط في الاسواق العالمية دول الخليج على اتخاذ خطوات غير مسبوقة من بينها رفع الدعم عن الوقود ومشتقات الطاقة، كما تعتزم تلك الدول فرض ضرائب غير مباشرة، وخفّضت إنفاقها على المشاريع الكبرى.
وقال الجبير إن «هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية الجديدة هي هيئة رفعية المستوى، وستبت في امور مثل استكمال الاتحاد الجمركي والسوق المشترك لدول المجلس، وتستطيع حل هذه المواضيع بشكل عاجل وفعّال من اجل تعزيز وتكثيف التعاون الاقتصادي والتنموي بين دول المجلس».
وتطرق الجبير إلى الوضع السوري، معتبراً أن «التدخل الدولي البري هو الذي سيحسم الوضع في سوريا»، مذكراً أن بلاده «كانت من أوائل الدول التي طالبت وستستمر في المطالبة بذلك».
وحول ما إذا كانت هناك فرصة لا تزال قائمة لمثل هذا التدخل، قال الجبير إن «الموضوع (التدخل البري)، قائم في أي وقت، ولكن يحتاج إلى قرار دولي، المملكة كانت تقول إنه يجب أن يكون هناك تدخل دولي مباشر لإنهاء الأزمة السورية، ونقول ذلك على مدى سنوات».
وحول موقف بلاده من إرسال قوات برية إلى سوريا، أشار إلى أنه «بالنسبة لاستعداد المملكة لإرسال قوات خاصة ضمن تحالف دولي لمواجهة داعش في سوريا، السعودية أعربت عن استعدادها للقيام بذلك العام الماضي، على شرط أن يكون تحالفاً دولياً لمواجهة داعش، وأن يكون هذا التحالف بقيادة الولايات المتحدة ونحن لا نزال على هذا الموقف».
وفي إشارة إلى الدور الروسي في محاولة تقريب وجهات النظر بين الرياض وطهران، قال الجبير إن موسكو «أعربت عن استعداداها لأن تلعب دوراً في هذا الصدد، لكن موقف المملكة ودول مجلس التعاون، هو أن الأزمة مع إيران تعود إلى تدخلاتها في شؤون دول المنطقة، ودعمها للإرهاب، وزرعها خلايا تتجسس في بلادنا، وتدريبها لميلشيات تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.. وعندما تكف هذه الأعمال سيكون الباب مفتوحاً لبناء أفضل العلاقات معها».
ورداً على تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه مستعد للتفاوض مع الدول العربية بشأن المبادرة العربية، أكد الجبير أن «المبادرة العربية قائمة، ويتم التأكيد عليها في كل القمم العربية، والإسرائيليون يعلمون بذلك، ولكن الوقت مبكر لكي نقيّم جدية الجانب الإسرائيلي للبدء في مفاوضات قائمة على أساسها».
ولفت وزير الخارجية السعودي إلى «قناعة المملكة بأن الحل في اليمن لا بد أن يكون سلمياً بناءً على قرار مجلس الأمن 2216، والحوار الوطني اليمني، والمبادرة الخليجية رغم الخروقات التي تصيب الهدنة»، وأن السعودية «تعمل بالتنسيق مع الدول الأخرى سواء كانت بريطانيا أو الولايات المتحدة للتوصل إلى حل سلمي في اليمن اليوم قبل الغد، وهذه الجهود مستمرة ومكثفة».
(«واس»، «الأناضول»، أ ف ب)