راحت «سَكرة» الإنتخابات البلدية والاختيارية، وإجت «فكرة» الإنتخابات الرئاسية التي لا تنتهي، فيما يبقى قانون الانتخاب الهمّ الأساس الذي يدخل نادي الملفات المنتظر بتّها. إحتفل قسمٌ من الموارنة بما تحقّق في عاصمتهم كسروان من نتائج، وانتخبت بلدة بعبدا رئيساً لبلديّتها فيما ظلّ القصر الرئاسي ينتظر سيّده. زحلة «عاصمة الكثلكة» خاضت انتخاباتها البلدية، والشمال ختم مسلسل التنافس الإنتخابي، وظهَرت النتائج المفاجئة في طرابلس وبعلبك والجنوب، إلّا أنّ «لبنان من دون رئيس» بقيَ الحدث الأبرز.

وفي خضمّ ضجيج معارك الانتخابات البلدية والاختيارية، ظهَر صخبٌ من نوع آخر تمثّل في ما رُوّج عن أنّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عرَض على الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند انتخابَ رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون رئيساً لسنتين، في خطوة تهدف الى إنهاء الشغور الرئاسي.

تفاعل هذا الطرح في الصالونات السياسية، وفيما رحَّب به البعض، رفَضه البعض الآخر، خصوصاً أنَّ الموارنة كانوا دائماً يرفضون المَسّ بمدة ولاية الرئيس، بعدما أصرَّ جميع الرؤساء المتعاقبين على البقاء في القصر الجمهوري حتى انتهاء الولاية.

تكشّف غبار المعارك البلدية، وعادت الأضواء لتسلّط على الرئاسة مجدّداً، لكن مَن بنى موقفاً على أساس إنتخاب رئيس لسنتين، كان في الحقيقة يراهن على طرحٍ غير موجود، حيث تؤكد مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «الراعي لم يطرح على هولاند انتخاب عون لسنتين، وهذا الأمر منافٍ للواقع والحقيقة».

وترى بكركي أنّ البعض حاول رَمي هذه الفكرة لجسّ النبض أو كبالون إختبار لمعرفة ردود الفعل، أو لحرق ترشيح عون نهائياً، وهذه كلها ألاعيب لا تدخل فيها البطريركية المارونية.

وتؤكد بكركي أنّ الرئاسة تشكّل المادة الأساسية في مباحثات الراعي وهولاند وهناك أفكار كثيرة تُطرح، وفرنسا من أكثر الدول صدقاً في التعاطي مع الملفات اللبنانية الداخلية، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، لكنّ الحلّ ليس عند باريس فقط، إذ إنّ عوامل عدّة تقف عائقاً أمام إنجاز هذا الإستحقاق.

وبالنسبة الى السياسة الفرنسية الخارجية، فإنها تعرف أنّ العقدة الأساسية تكمن في أنّ إيران لا تريد التعاون، بل تضع الملف في عهدة «حزب الله» المشغول بالحرب السورية، والحزب بدوره، ما زال ثابتاً على موقفه الداعم لعون على رغم ترشيح تيار «المستقبل» لحليفه النائب سليمان فرنجية. ومن جهة ثانية، فإنّ واشنطن لا تعطي الملف اللبناني أهمية تذكر، إضافة الى أنّ الإهتمام الروسي منصبّ على الملف السوري.

من هذا المنطلق، يُعتبر دخول بكركي في لعبة الأسماء مخاطرة بحدّ ذاتها، وبالتالي، فإنّ طرح رئيس لسنتين هو خطر كبير خصوصاً أن لا أرضية واضحة لقبول طرح مماثل، فيما الأجواء لا توحي بقرب إنتخاب رئيس، لذلك إنّ كلَّ ما يُحكى عن مبادرات هو «زوبعة في فنجان أحداث المنطقة».

وفي وقتٍ عاد قانون الإنتخاب الى الواجهة، يتجدّد الحديث عن إجراء الإنتخابات النيابية على أساس قانون «الستين»، وفي هذا الإطار، تتخوّف بكركي من عودة هذا القانون الذي تعتبره غير عادل باعتراف الجميع، وتشير الى أنّ كلّ الأطراف السياسية رفضته، وعليها أن تُثبت صدق نواياها.

وتتخوّف بكركي أيضاً من أن ينطبق على قانون الإنتخاب ما حصل مع رئاسة الجمهورية، حيث كانوا يدعون المسيحيين إلى الإتفاق على رئيس خصوصاً «التيار الوطني الحرّ» و»القوّات اللبنانية»، وبعد إتفاقهما وترشيح «القوّات» عون، لم يتغيّر شيء في المشهد السياسي والوطني والرئاسي.

وبما أنّ قانون الإنتخاب النافذ غير صالح، تلاحظ بكركي أنّ الجميع يقول إننا نسير في أيّ قانون يريده المسيحيون ويُطمئنهم، لكن حتى الساعة وعلى رغم إجتماع اللجان النيابية، فإنّ الإتفاق على القانون ما زال بعيد المنال، وقد نصل الى موعد الإنتخاب لنكون أمام احتمالين أسوأ من بعضهما: إما التمديد للمجلس النيابي، أو إجراء الإنتخابات على أساس قانون «الستين».     الجمهورية:آلان سركيس