لأنه جورج خضر، كرّمه ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار أمس في قصر الأونيسكو.

ليس لأنه متروبوليت جبيل والبترون وتوابعهما للروم الأرثوذكس، بل لأنه مطران الانفتاح والمحبة والتسامح والإنسانية...   في احتفال حضره وزير الإعلام رمزي جريج وشخصيات دينية وسياسية واجتماعية وثقافية، كانت كلمات لرئيس الملتقى العلامة السيد علي فضل الله، أمينه العام الشيخ حسين شحادة، والدكتور رضوان السيد، والأب الدكتور جورج مسوح، والأب الدكتور ميشال جلخ، والشيخ دانيال عبد الخالق، والسيدة رباب الصدر. يدعو خضر كل إنسان "لإعادة فحص الحقائق وقراءة موروثه"، وفق فضل الله "في ضوء قراءة جديدة لنصك الأصلي".

الإيمان عنده يعيشه تأملاً وكتابة، تفيض منه المحبة والتفاهم، "بهذا المفهوم امتشق سلاح الكلمة لمواجهة التعصب والكراهية والتفرقة، وسخّر كل مواهبه وطاقاته للتحرر من زنازين الطائفية ليقدم خطاباً دينياً إنسانياً عنوانه الحب وقاعدته الالتزام بما يراه حقاً".

وأجمعت الكلمات على رفض خضر التعصب البعيد كل البعد من الدين والإنسانية، لأن الدين عنده انفتاح لا انغلاق، ورحابة لا تحدّها حدود، تواصل واتصال مع الآخر، لا قطعاً معه وعداوة، "مشدداً على أن الإيمان سعي دائم وجهاد مستمر".

همه أن يعمل على إحداث تحوّل ووعي اجتماعي وأن ينقل الجماعة من الانتماء القبلي إلى الانتماء الديني الإيماني الرحب. ويرى خضر أن مشيئة الله أن نحب ونرتقي وننفتح، لا أن ننغلق ونتعصب.

"التعصب مشكلة الحياة"، عقّب فضل الله على رؤيا خضر، أي أن "ترى نفسك مالكاً للحقيقة المطلقة، فيما لا ترى عند الآخر أي ضوء لذلك، عمل خضر على تحرير الدين من أي توظيف أو تسييس.

و"هنا يقف خضر إلى جانب المواطن الإنسان، لا المواطن الطائفة، إلى جانب منظومة القيم لا المنظومة القائمة على التمييز بين الناس، والمؤدية إلى تناحرات اجتماعية".

وقال خضر مرة: "أنا الأسقف الأرثوذكسي أرفض أن يعيَّن أرثوذكسي تافه في منصب شاغر يستحقه مسلم أو مسيحي من انتماء آخر".

كما كتب: "لست أقول إن قدرنا أن نعيش معاً ولكن خيارنا أن نعيش معاً. المسيحية والإسلام حاضران معاً في أمة الله، والله راعي أهلهما بانعطافه الدائم حتى الساعة الأخيرة من أزمنة الناس. هذا كله يقتضي صبراً طويلاً وإرادة طيبة مع الحنان الإلهي".

وتوقف شحادة عند خضر الأديب الذي يكتب بصفاء عما يعتقده في الدين والفلسفة والتاريخ والأخلاقيات والسياسة وعلم الاجتماع... وهو لا يزال يكتب أسبوعياً مقاله كل سبت، فيما رأى السيد أن الصفاء الذي يتميز به المطران خضر ينعكس صفاء في كتاباته، ومتى قرأته مرة تفاعلت مع كلماته واستولت عليك.

أدبه المقالي انعكاس لا لصفائه فقط، إنما أيضاً لسعته المعرفية. ووفق الأب مسوح لا تبتعد كتاباته من الانفتاح والدعوة إلى المحبة والانفتاح، والتبشير بهما.

"إنه يتورّط في الكتابة ويورّط قلبه وعقله، ويورّطك أنت أيضاً كقارئ ويدخلك في هذا العالم الروحاني السامي ليتناغم تفكيرك مع تفكيره"، كما رأى جلخ، وأضاف: "عندما تقرأ مقالاته تقرأه هو، لأنه صادق في ما يكتب، من دون تكلف ولا افتعال. ينقلك إلى حالته الوجدانية، فتأخذ شيئاً من طبيعته من دون أن ينقصه هو شيء".

ورأت السيدة رباب الصدر في خضر مطران الإنسانية والمحبة والتواصل مع الاديان، وهو الأكثر انفتاحاً وفق عبد الخالق.

النهار