واصل ريال مدريد الإسباني تحطيمَ الأرقام القياسية بإحرازه اللقب الحادي عشر في مسابقة دوري أبطال أوروبا بعد تغلّبه على مواطنه أتلتيكو مدريد في ركلات الترجيح (5-3) بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بنتيجة (1-1). غير أنّ كثيرين لم يتوقّعوا هذا السيناريو "الغريب" في نهاية المطاف... لكنّ «الملكي» وقف أمام الجميع وقال كلمته النهائية على أرض الملعب... فهل استحقّ الفوز؟ لم يكن أشدّ المتفائلين من جماهير ريال مدريد يتوقع إحراز النادي الملكي لقبَ دوري أبطال أوروبا، في بداية هذا الموسم، عندما كان المدرّب رافاييل بينيتيز على رأس الجهاز الفنّي للفريق.

فريال مدريد بقيادة بينيتيز لم يكن ذاك الفريق الذي لطالما أرعب الخصوم على مرّ التاريخ، بفضل دكّة بدلائه القويّة وخبرته العميقة في البطولات الكبرى، خصوصاً في دوري الأبطال. ولكن، بعد تسلّم الأسطورة الفرنسية زين الدين زيدان تدريب «الملكي» في كانون الثاني الماضي، تغيّرت الحسابات.

زيدان، الذي فاز بلقب الأبطال مع ريال مدريد كلاعب (عام 2002)، ومساعد للمدرّب كارلو أنشيلوتي (عام 2014)، حوَّل هؤلاء اللاعبين إلى منظومة متكاملة ومتجانسة، وخطِرة جداً على أرضية الميدان، وأبرز دليل على ذلك النتائج التي تغيّرت رأساً على عقب، أكان في الدوري المحلّي حيث عاد من بعيد وحلّ ثانياً في نهاية المطاف خلف برشلونة حامل اللقب بفارق نقطة واحدة فقط، أو في دوري الأبطال حيث أحرز اللقب الحادي عشر في تاريخه.

مجريات اللقاء

 

هذا، وفي العودة إلى المباراة النهائية، أمس الأوّل، على ملعب سان سيرو في ميلان الإيطالية، نجد أنّ ريال استفاد من إرتباك خصمه في نصف الساعة الأولى وسجّل هدفاً خاطفاً في الدقيقة 15 عن طريق المدافع سيرجيو راموس، الذي بدا متسلّلاً، بعدما تابع كرة ثابتة من توني كروس

حوّلها غاريث بايل رأسية له أمام المرمى وتابعها في شباك الحارس يان أوبلاك.

وحصل فرناندو توريس على ركلة جزاء بعدما عرقله المدافع بيبي، سدّدها أنطوان غريزمان ارتطمت بالعارضة مهدراً فرصة التعادل في الدقيقة 48.

وانتفض أتلتيكو بعدها، وحاول مرّات عدّة الوصول إلى مرمى الحارس كيلور نافاس، بلا نتيجة، حتى أدرك التعادل أخيراً في الدقيقة 79، عندما سجّل كاراسكو هدفاً من عرضية على الجهة اليمنى لخوان فران، مرّت في ظهر الدفاع تابعها الجناح الشاب قوية من مسافة قريبة، حتى ذهبت المباراة إلى وقتٍ إضافي.

ريال كان أكثر قوّة من الناحية البدنية في الدقائق الإضافية، وعرف كيف يتعامل مع بقية مجريات اللقاء، فيما بدا أتلتيكو عاجزاً عن متابعة الدقائق الأخيرة نتيجة التعب والإرهاق. الخبرة لعبت دورها أيضاً في ركلات الترجيح، حيث كانت الغلبة للأبيض الذي لم يضيّع أيّ فرصة في مرمى أوبلاك الذي ظهر مرتبكاً ولم يحرّك ساكناً أمام "المدافع" الملكية، فيما أضاع خوان فران ركلة نفّذها في القائم الأيمن وأضاع معها "حلم" اللقب الأوّل في خزائن فريقه.

"حظّ" أم أفضليّة؟

 

كثيرون قالوا إنّ "الحظّ" لعب دوره في وصول ريال إلى نهائي البطولة الأوروبية الأولى، بعدما تخطّى في الدور الـ16 روما الإيطالي الثالث في "السيري آ"، وفي ربع النهائي فولفسبورغ الألماني الثامن في "البوندسليغا"، وفي نصف النهائي مانشستر سيتي الإنكليزي الرابع في "البرمير ليغ"، فيما كانت طريق منافسه ومواطنه أتلتيكو مدريد أصعب، خصوصاً أنه أطاح ببرشلونة المتألّق في ربع النهائي، وبايرن ميونيخ الناري في نصف النهائي، اللذين فازا بالثنائية المحلّية هذا الموسم.

وكثيرون قالوا أيضاً إنّ حنكة المدرّب البرتغالي دييغو سيميوني بتشكيل فريق صلب تمكّن من الوقوف في وجه أقوى ترسانة هجومية (برشلونة وبايرن)، خصوصاً من الناحية الدفاعية، يستحقّ عليها حصد اللقب في نهاية المطاف، في حين أنّ زيدان ليس بمدرّب خبرة ولا يمكنه الوصول بفريقه إلى الهدف من موسمه الأوّل.

لكنّ المنطق يُخالف الواقع في كثير من الأوقات، فكيف هي الحال في كرة القدم حيث لا وجود للمنطق فيها؟ لا يُمكننا القول إنّ ريال لم يستحقّ الفوز باللقب. فوجوده في النهائي، ولو أنّ القرعة "ابتسمت" له، ليس من وليد الصدفة إطلاقاً...

(مابيل حبيب - الجمهورية)