في رمزية مقتل قيادي الحزب مصطفى بدر الدين سياق يروم اغتيال الدور المفصلي لـ «حزب الله»، الذي يتجاوز بكثير ذلك اللبناني «المقاوم» الذي وُسِم به منذ إطلالات الحزب الأولى، ويندرج في إطار كونه أداة استراتيجية أساسية في خدمة «تصدير الثورة» في إيران.

ولئن يعبّر ضجيج الحدث واللبس الرسمي في تبديل هوية القتلة من «العدو» إلى «التكفيري»، عن تخبط في أجندات «حزب الله» وفوضاه في تحديد اتجاه بوصلة «جمهور المقاومة»، فإن مقتل بدر الدين وفّر مناسبة للتذكير بـ «الوظيفة» الحقيقية لـ «حزب الله»، السابق واللاحق على مسألة تحرير أراض لبنانية محتلة، والتي من أجلها استثمرت طهران فيه عقيدة ومالاً وتدريباً وتسليحاً، بمستويات فاقت قطاعات سياسية وعسكرية داخل إيران نفسها.

يمثّل نشاط مصطفى بدر الدين العدائي ضد الكويت جانباً من مهمات الحزب لخدمة الأجندة الإيرانية في المنطقة والعالم. فاستهداف الكويت، مثلاً، بقي ثابتاً في الخطط الإيرانية سواء بالطبعة التي قدمها بدر الدين في الثمانينات، أو بخلية الحزب التي ألقي القبض عليها العام الماضي.

لن تتوقف سُبحة الإغتيالات التي ستطال رموزاً وقيادات داخل «حزب الله» تلعب أو لعبت أدواراً في خدمة الأجندة الإيرانية الخارجية. لن تكون موسكو بعيدة عن المزاج الدولي في هذا الإطار، على نحو يتيح للمراقبين أن يلاحظوا ارتفاع عدد الجنرالات الإيرانيين القتلى في الحرب السورية، كما تصاعد استهداف مصالح «حزب الله» في هذا البلد. وربما من الحكمة تأمل نفي الحزب بعد «التحقيق»، أي مسؤولية لإسرائيل في قتل مصطفى بدر الدين، على نحو قد يؤسس لتغير هوية العدو الحقيقي للحزب وتبدل عقيدته العسكرية.

محمد قواص الحياة