كان سكان مدينة الصدر الأربعاء يلملمون أشلاء الضحايا وهم يطلقون صيحات غاضبة ضد السياسيين العراقيين الذين أدخلوا البلاد في أزمة سياسية سرعان ما انعكست على الوضع الأمني المنهار في العراق.

وقتل 64 شخصا وأصيب 82 آخرون بجروح إثر انفجار سيارة مفخخة داخل سوق عريبة الشعبية في مدينة الصدر الشيعية في شرق بغداد. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الحادث.

ولم تكد الأنباء تتواتر على العاصمة حتى سمع دوي انفجار سيارتين أخريين يقود إحداهما انتحاري في منطقتي الكاظمية والجامعة في شمال وغرب بغداد، قتل على إثرهما 22 شخصا على الأقل، وأصيب العشرات بجروح.

وكثيرا ما أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجمات مماثلة، لكن كثيرين يقولون إن التفجيرات في مناطق نفوذ التيار الصدري ترتبط بشكل وثيق بالنزاع السياسي الذي لعب فيه زعيم التيار مقتدى الصدر دورا محوريا.

وقال محلل عراقي، طلب عدم ذكر اسمه لـ”العرب”، إن “ما حصل ليس أقل من تصفية حسابات، كان قد جرى تأجيلها بسبب ضغوط إيرانية، مورست في أوقات سابقة من أجل ضبط النفس. اليوم إذ رفعت إيران يدها عن التيار الصدري بشكل نهائي فإن خصوم ذلك التيار لا بد وأن يثأروا من البيئة الحاضنة له”.

وحاول مسؤولون إيرانيون التفاوض مع الصدر الذي سافر قبل أيام إلى مدينة قم في إيران، لكن لم يحدث أي تغيير حاسم في الأزمة التي اندلعت شرارتها بعدما فشل رئيس الوزراء حيدر العبادي في تمرير قائمة حكومته المكونة من وزراء أغلبهم من التكنوقراط.

وبعدها بساعات اندفع متظاهرون مؤيدون للصدر إلى الشوارع، واقتحموا المنطقة الخضراء الحصينة، ودخلوا مبنى البرلمان الذي يشهد انقسامات حادة.

وتقول ماريا فانتابي، من مجموعة الأزمات الدولية، إن “مناصري الصدر استخدموا نزعتهم المعادية للطبقة السياسية كي يتمكنوا من تقوية موقعهم داخل هذه الطبقة”.

والتفجيرات في مدينة الصدر هي رسالة أولى من سلسلة رسائل يتوقع أن تصل خلال الأيام المقبلة إلى القاعدة الشعبية للتيار الصدري، التي لا تزال تمارس ضغوطا على التحالف الوطني الحاكم من أجل التغيير.

ويقول مراقبون إنه إذا لم يرد التيار الصدري فقد لا يشهد الوضع المزيد من التوتر. لكن الانهيار الأمني يظل ممكنا في ظل الضعف الحكومي.

وقال المحلل العراقي لـ”العرب” إن “ما يشهده العراق الآن هو حرب إرادات ضعيفة بين القوى الشيعية المختلفة في توجهاتها التي تتعلق برؤيتها لصورة المستقبل في العراق”.

 

صحيفة العرب