رفضت الكويت، الثلاثاء، اتهام طهران لها بدعم حركات انفصالية إيرانية، مؤكدة أن “السياسة الخارجية الكويتية واضحة وتعتمد على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة”.

وجاء ذلك بعد أن استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، الإثنين، القائم بأعمال السفارة الكويتية في طهران احتجاجا على ما وصفته باستضافة الكويت “للعديد من التجمعات للمعادين للثورة الإسلامية”، في إشارة إلى مؤتمر نظمته شخصيات اجتماعية تنتمي إلى العرب الأحوازيين في إيران.

وقال مراقبون إنّ ما أقدمت عليه طهران هو بمثابة فتح لمناوشة مع غريمتها الرياض عبر البوابة الكويتية، في ظل عجزها عن المواجهة المباشرة مع القوة السياسية والدبلوماسية والإعلامية المتزايدة للسعودية.

وقرأوا في الخطوة الإيرانية “سعيا لافتعال أزمة مع الكويت لصرف نظر الرأي العام المحلي على حالة الارتباك الشديد التي تواجهها سياساتها في المنطقة العربية، لا سيما في سوريا حيث تكشف الأرقام فداحة الخسائر في صفوف مقاتليها في حلب”.

واعترفت إيران، الثلاثاء، بمقتل 13 من خبرائها العسكريين المشاركين في القتال إلى جانب قوات النظام السوري. وأعلن مسؤول عسكري إيراني أنّ الثوار السوريين يحتفظون بجثث 12 من القتلى الإيرانيين، إضافة إلى أسرهم ستة عسكريين إيرانيين أحياء.

ويساور القيادة الإيرانية قلق شديد حيال نفوذ طهران في بعض بلدان الجوار العربي وهي تراه يتراجع في اليمن بفعل جهود سعودية خليجية تمكنت من محاصرة حلفائها الحوثيين والضغط عليهم عسكريا وإجبارهم على الجلوس إلى طاولة الحوار السياسي في الكويت.

وفي العراق تكاد طهران تقف عاجزة أمام انفراط عقد الأحزاب الشيعية الحاكمة الموالية لها والتي دخلت في صراع مفتوح على السلطة يهدّد مكانتها في قيادة البلد. كما بدأت إيران تشعر بوطأة الحصار الخليجي والعربي الشديد لحليفها الأساسي حزب الله والأداة الرئيسية لها في تأمين نفوذها في لبنان.

وقد أبدت الكويت التزاما تاما بتنفيذ ما يقتضيه تصنيف الحزب من قبل بلدان مجلس التعاون الخليجي من إجراءات ضدّ المنتمن إليه والمتعـاملين معه وبـادرت بالفعل بترحيل عدد منهم ومنعت عددا آخر من دخول البلاد.

وجاء الاحتجاج الإيراني ليكرّس البرود في العلاقات الكويتية الإيرانية، على اعتبار الكويت جزءا من منظومة دول مجلس التعاون الخليجي التي تدين أغلبها بشكل متكرّر تدخلات إيران في شأنها الداخلي وعملها على زعزعة استقرار المنطقة من خلال دعمها لجماعات مسلّحة على غرار جماعة حزب الله اللبناني وميليشيا الحوثي في اليمن.

وبلغت ذروة التوتر في العلاقات بين جلّ بلدان الخليج وإيران بعد الاعتداءات التي طالت سفارة وقنصلية السعودية في طهران ومشهد على إثر إعدام سلطات المملكة لرجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر بعد إدانته بالتورط في أعمال إرهابية.

وسبق للكويت أن احتجّت لدى إيران بعد ثبوت ضلوع أحد أعضاء بعثتها الدبلوماسية في عملية تهريب وتخزين أسلحة داخل الأراضي الكويتية ضمن قضية ما بات يعرف بخلية العبدلي التي لا يزال نظرها جاريا أمام القضاء الكويتي.

ورفضت الكويت اتهام إيران لها باحتضان عناصر مناوئة لطهران، وذلك على لسان مصدر دبلوماسي نقلت عنه صحيفة الرأي المحلية قوله إن “الاتهام الإيراني ليس له أي أساس، فالكويت لا تدعم أي حركات انفصالية، وسترد عبر القنوات الدبلوماسية على احتجاج طهران، خصوصا أن المؤتمر الذي احتجت إيران في شأنه نظمته شخصيات اجتماعية ولا علاقة لأي جهة رسمية به”.

وشرحت ذات الصحيفة أنّ “الاحتجاج الإيراني يتعلق بندوة عقدت في الكويت، الثلاثاء الماضي، تحت عنوان ‘أحواز العرب في كويت العرب’ استضافها الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب دوخي الحصبان، وشهدت مشاركة عدد من الناشطين والشخصيات السياسية بينهم النائب السابق علي الدقباسي وبدر الداهوم، كما شهدت حضور السفير السعودي لدى الكويت عبدالعزيز الفايز”.

وقال مصدر دبلوماسي إن “طهران احتجت أيضا على استضافة الكويت للقاءات يجريها أعضاء الوفد اليمني الحكومي المشارك في مشاورات السلام مع ناشطين ومعارضين من الأحواز، بينها لقاء وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي مع وفد من حركة النضال العربي لتحرير الأحواز”.

ومن جهته، أوضح الحصبان أنه “أقام حفل عشاء دعا إليه مجموعة من الأدباء والمحامين وبعض الإعلاميين الأحوازيين العرب من المهجر وحضره مجموعة من الشعراء ونواب سابقون وحاليون ومنهم حقوقيون تونسيون سبق أن حصلوا على جائزة نوبل لأنهم كان لهم دور كبير في المحافظة على بلدهم من اللهيب العربي”.

واستغرب الحصبان من “عدم تحرك إيران واحتجاجها على البرلمان الأوروبي والبريطاني والفرنسي عندما يناقش هؤلاء القضية الأحوازية، بينما تحتج على الكويت”، مذكّرا بـ”مؤتمرات عقدت علنا في فرنسا والدنمارك والسويد وإيطاليا ومصر ودول أخرى ناقشت صراحة انتهاكات حقوق الإنسان في الأحواز والشعوب غير الفارسية، ولم تتحرك طهران للاحتجاج عليها”.

 

صحيفة العرب