استغرقت القوى السياسية في تقييم المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية، وشكلت عمليات التقييم الجارية فرصة لاستخلاص ما يلزم، قبل 4 أيام من توجه الناخبين في محافظة جبل لبنان المترامية الأطراف من الشوف إلى كسروان، مروراً بالضاحية الجنوبية وفرن الشباك وسن الفيل وصولاً إلى انطلياس وغوسطا، حيث هناك واحدة من المعارك التي يجري التحضير لها، فضلاً عن معركة جونيه، بين التيار العوني الذي يقف وراء لائحة جوان حبيش المسماة «كرامة جونيه» في مواجهة «لائحة التجدد» المدعومة من النائبين السابقين منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن، ورئيس مؤسّسة الانتشار المارونية نعمة افرام، برئاسة فؤاد بواري، والتي تتمثل فيها «القوات اللبنانية» بـ4 مرشحين، فيما يبدو رئيس بلدية جبيل زياد حواط والمرشح لولاية جديدة هو الأكثر ارتياحاً إلى وضعه، على الرغم من خلافه مع تكتل «الاصلاح والتغيير» والنائب سيمون أبي رميا.
وبصرف النظر عن تزايد عدد المنسحبين من قضاء بعبدا، حيث تجاوز العدد 150 مرشحاً وفوز خمس بلديات بالتزكية وكذلك مائة مختار، فإن المعارك الانتخابية في جبل لبنان، لا سيما في البلديات المسيحية ترتدي طابعاً سياسياً، حيث يختبر «تحالف معراب» قدرته على الصمود، والتعايش السياسي مع المعارك البلدية، والتي وأن اتخذت طابعاً انمائياً، فإن القدرة على الحشد وتجيير الأصوات توضع في خانة التأييد الشعبي للاحزاب المسيحية الكبرى على امتداد الأقضية الستة، وهي أحزاب الكتائب و«القوات» و«التيار الوطني الحر» و«الوطنيين الاحرار» وسائر التنظيمات التي كانت تدور سابقاً في فلك 14 آذار.
وتواجه الأحزاب المسيحية قوى التقليد المسيحي المتمثل بنواب سابقين وحاليين وعائلات وشخصيات مرموقة في الحقل العام، والتي تتقاطع مع بعض الأحزاب العقائدية من 8 آذار، أو تلقى دعماً في حدود ما هو متوافر من تيّار «المردة» ورئيسها النائب سليمان فرنجية، ومن بعض الأوساط الكنسية، على خلفية الصلة ما بين نتائج هذه الانتخابات، وما يحضر للانتخابات الرئاسية التي تتأرجح ما بين الضغوطات الإقليمية والمرشح الرئاسي القوي وشعارات الأحزاب التي تدفع باتجاه اجراء الانتخابات النيابية قبل انتخاب الرئيس، ولا سيما طرفي «تفاهم معراب».
ولئن كانت الجلسة 39 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية طارت إلى الأربعين في 2 حزيران المقبل، في حضور 41 نائباً، الأمر الذي يعني تجاوز 25 أيّار للعام الثاني على التوالي، وهو التاريخ الذي غادر فيه الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا في العام 2014، ومرت وسط انهماك النواب وسائر الكتل والقيادات «بسوق عكاظ» البلدي، وقرض الشعر تحبباً بالديمقراطية أو تطلعاً إلى الإنماء والإنماء المتوازن واللامركزية الادارية!
وعلى الرغم من الحراك الرئاسي للبطريرك الماروني بشارة الراعي، فإن إشارة عزاء رئاسية جاءت من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عبر الرسالة التي بعث بها إلى الرئيس نبيه بري والتي تؤشر إلى جهود فرنسية تبذل من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، رابطة الرسالة بموعدين مرتقبين للرئيس هولاند مع كل من ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن نايف ومن ثم مع وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف.
وفيما تكتمت أوساط عين التينة على فحوى الرسالة، تحدثت مصادر نيابية مطلعة عن حراك دولي يجري باتجاه الانتخابات الرئاسية على قاعدة مراعاة الصيغة التوافقية، وضرورة إنجاز هذا الاستحقاق قبل انتخابات الرئاسة الأميركية قبل نهاية العام الجاري.
البلديات ما تزال في الواجهة
وعلى هذا الصعيد، نقل زوّار عين التينة عن الرئيس برّي وصفه الانتخابات البلدية «بالحيوية» معتبراً ان الأولوية هي لإنجاز قانون الانتخاب في أقرب فرصة حتى لا نقع مجدداً في شرك قانون الستين، وانه معني شخصياً بإدارة هذه الجلسات حرصاً على انتاجيتها، مجدداً تمسكه بالقانون المختلط بين النسبي والاكثري.
وعلى طاولة الجلسة 28 بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» ساد ارتياح لإجراء الجولة الأولى من الانتخابات البلدية، مع تشديد الطرفين المتحاورين على استكمال المراحل الأخرى بنفس الأجواء الإيجابية.
وقاد النقاش حول هذه المسألة إلى نقاش دخل في العمق حول إنتاج قانون جديد للانتخابات والحاجة إلى إقراره في وقت قريب بالتوافق على أن يجمع بين الأكثري والنسبي.
وكانت كتلة «المستقبل» في اجتماعها الأسبوعي في «بيت الوسط» برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، توقفت بإسهاب عند إتمام العملية الانتخابية باعتبارها انتصاراً للبنان ونظامه الديموقراطي ولمبدأ التداول السلمي للسلطة، معتبرة أن فوز «لائحة البيارتة» يترتب عليها مسؤولية كبيرة لجهة تنفيذ ما تعهدت به للعاصمة من خدمات والتصدي لمشكلات متعددة، داعية للانفتاح على الصوت المدني الآخر في المدينة المتمثل ببعض قطاعات المجتمع المدني، شاكرة من التزم من الحلفاء وآسفة لمن نكث بما تعهد.
ونأى تكتل «الاصلاح والتغيير» في اجتماعه عن الخوض علناً، وعبر البيان الذي تلاه أمين سر التكتل إبراهيم كنعان، في ما حصل فعلاً من إخلال بالتعهدات في الدائرة الأولى في بيروت، لا سيما في أوساط ناخبي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، داعياً لإنماء المدينة، وكذلك الحال بالنسبة لمدينة زحلة.
كما حضرت التحضيرات للمرحلة الثانية من الانتخابات في اجتماع التكتل.
وقال عضو التكتل النائب سليم سلهب لـ«اللواء» أن المدن والبلدات هي التي تتحكم بتحالف عون - «القوات» أو بعدمها، واصفاً التنافس بين القوات والتيار في بعض المناطق بأنه ديموقراطي.
وأشارت مصادر في «القوات اللبنانية» إلى أن أم المعارك ستكون في سن الفيل، حيث يتحالف التيار و«القوات» في وجه تحالف الكتائب والنائب ميشال المرّ.
وعلى صعيد النتائج، فيما اكتفت وزارة الداخلية بنشر أسماء الفائزين على موقعها علىالانترنيت، وهم كل أعضاء لائحة البيارتة، حيث تراوحت أعداد الأصوات التي حصلوا عليها بين 39ألفاً وأكثر من 47 ألفاً، بقيت الأسئلة تطرح عن سبب التأخير غير المسبوق للنتائج بتفاصيلها عبر الإقلام ونسب الاقتراع في كل منها.
ونشرت لائحة «بيروت - مدينتي» على حسابها على موقع الفايسبوك قائمة أسماء المرشحين والأصوات التي حصلوا عليها، واصفة هذه النسخة بأنها نهائية، وتراوحت النسب بين 28 و32 ألف صوت، فيما حصل الوزير السابق شربل نحاس على نسبة أصوات لامست الـ 7 آلاف صوت.
والأبرز في إطلاق اللوائح، أمس، إعلان النائب السابق مصباح الأحدب عزمه على تشكيل لائحة ثالثة في طرابلس من 17 شاباً وشابة للتصدي لما وصفه «مصادرة قرار طرابلس»، في حين كانت لائحة «كرامة جونية» تعلن برنامجها وأعضاءها برئاسة حبيش، انطلاقاً من أن جونية «عاصمة المسيحيين المشرقيين وعاصمة كسروان - الفتوح»، وأعلنت للمرة الأولى أنها وضعت «نشيد جونية» الذي استمع إليه الحضور.