بعد التراجع عن تطبيق القرار الأردني - الإسرائيلي بنصب كاميرات مراقبة في المسجد الأقصى، أبلغت الأردن سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن عزمها إرسال 150 حارساً جديداً من الأوقاف الأردنية إلى المسجد الأقصى، وهو ما يعني زيادة بنسبة 50% في عدد الحرّاس، وهو ما رأى فيه الاحتلال الإسرائيلي محاولة من قبل الأردن لإثبات التزامها بالحفاظ على "الهدوء" في المسجد الأقصى، وذلك بعد "خيبة الأمل" التي تسبب بها إلغاء تركيب الكاميرات للاحتلال الإسرائيلي.

وقد تناول المحلل السياسي والعسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، أمر إرسال الحرّاس بتشكيك واضح قائلاً: إن "هذه العملية من شأنها أن تأخذ شهوراً من الوقت، وليس من الواضح لمن سيكون ولاؤهم، للأردن أو للسلطة الفلسطينية"، كما أنه ليس من المعروف إن كان الحرّاس الجدد مقدسيين أم من الضفة الغربية، ورجّح أن ولاء الحراس سيكون للجانب الفلسطيني إذا كانوا من القدس أو الضفة، ومن غير المرجح أن ينصاعوا للأوامر الأردنية إن لزم الأمر.

وفي نفس السياق أوضحت الصحيفة أن تراجع الأردن عن نصب 55 كاميرا تعقب ومراقبة في محيط المسجد الأقصى، كما كان متفقاً، قوبل بصدمة وخيبة أمل من الجانب الإسرائيلي، فبعد أن كان من المقرر نصب الكاميرات بالتزامن مع عيد الفصح اليهودي، أبلغ، في 18 نيسان، رئيس الحكومة الأردني سلطات الاحتلال عن إيقاف المشروع؛ عقب موجة انتقادات واعتراضات فلسطينية، وعن سحب الأردن لطاقم الخبراء الذي أرسل للقدس للإشراف على عملية التركيب.

وأكدت الصحيفة أن الأسباب الرسمية التي صرّح بها المتحدثون باسم الحكومة الأردنية حول مشروع نصب الكاميرات لم تكن متلائمة مع الأسباب الحقيقية، ففي حين قالت الأردن إن الكاميرات تهدف لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، إلا أن المحادثات المباشرة بين رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، والملك عبد الله، أفادت أن المشروع هو جزء من إستراتيجية "تهدئة النفوس" في المسجد الأقصى، الذي كانت المواجهات فيه سبباً أساسياً لانتفاضة القدس، بدءاً من تشرين الأول الماضي.

ويضيف هارئيل: إن اختيار توقيت نصب الكاميرات بالتزامن مع عيد الفصح كان بسبب توقعات بأن اقتحام اليهود للمسجد الأقصى خلال أيام العيد سوف يقابل بـ "مقاومة فلسطينية، وسترفع من نسبة التوتر خلال العيد".

وأوضح هارئيل أن هدف الاحتلال من مشروع الكاميرات كان مزدوجاً: أولاً أن يكون لذلك أثر ما في موجة العمليات، وأن يهدئ ويحسن من الوضع الأمني في المدينة، إلى جانب ذلك "أن تكون هناك فرصة لتوثيق تحركات الفلسطينيين داخل المسجد، وإثبات أن الفلسطينيين والمرابطين المسلمين يستخدمون المسجد كمخزن للحجارة والأواني الزجاجية، وأنهم من يبادرون للصدام" مع من يقتحم المسجد من اليهود.

وعليه، يضيف الكاتب، فإن السلطة الفلسطينية، وحركة حماس، والحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني اعترضوا بشدة على الخطة الأردنية-الإسرائيلية، وعلى خلفية النقد الحاد والضغط الشديد تراجعت الأردن عن المشروع، وفي توجهه للإسرائيليين قال رئيس حكومة الأردن إن بلاده لم ترد الصدام مع الفلسطينيين فيما يخص المسجد الأقصى، بينما قال وزير الداخلية الأردني إن الاحتلال الإسرائيلي قد نصب كاميرات، وأطلق منطاداً للمراقبة يمكنه من متابعة كل ما يحصل في المسجد الأقصى.

ومن ناحيته اعتبر جهاز أمن الاحتلال أن الأردن لم تتوقع أن تواجه بموجة اعتراض شديدة لهذه الدرجة، كما أن التراجع تسبب بخيبة أمل من ناحية الاحتلال، الذي لم يتوقع أيضاً أن تخضع الأردن للضغوط الفلسطينية، خاصة في ظل "المصالح المشتركة بين الطرفين في قضايا أخرى مثل مواجهة تنظيم الدولة"، الذي دفعت محاربته أجهزة استخبارات الاحتلال إلى مشاركة معلوماتها عنه مع الأردن.

من ناحية أخرى يرى الكاتب أن من الممكن أن تكون الأردن استجابت للضغوط الفلسطينية؛ لعدم رغبتها بفتح جبهة جديدة، في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها المملكة، بما في ذلك التوتر بين الدولة وحركة الإخوان المسلمين، والتهديد المحيط بالبلاد بسبب تنظيم "الدولة".

(الخليج اونلاين)