دانت نقابة الصحافيين وأحزاب وتجمعات سياسية في مصر حملة التوقيفات التي استهدفت مئات الشباب والناشطين وعشرات الصحافيين أول من أمس، لمنع تظاهرات دعت إليها قوى سياسية احتجاجاً على اتفاق ترسيم الحدود بين مصر والسعودية.

ولم تُعلن الجهات الأمنية عدد الموقوفين خلال تظاهرات أول من أمس التي تم فض معظمها بالقوة، وطاردت قوات الأمن متظاهرين وألقت القبض على عدد منهم، وانتشرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر توقيف شباب في حي الدقي ومنطقة وسط القاهرة واقتيادهم إلى سيارات الشرطة.

وقالت وسائل إعلام محلية موالية للسلطة، إن الشرطة أوقفت أكثر من 275 متظاهراً، فيما أعلنت «جبهة الدفاع عن متظاهري مصر» أسماء 239 شخصاً تم توقيفهم في القاهرة والجيزة وأسوان والقليوبية ومحافظات أخرى، حتى منتصف ليل الإثنين- الثلثاء.

وقال محامو الجبهة إن الموقوفين يخضعون للتحقيقات في معسكرات تابعة للأمن المركزي أو في أقسام الشرطة، وإنهم يسعون إلى تحديد النيابات التي يمثلون أمامها لحضور التحقيقات معهم.

وطاولت حملة التوقيفات أول من أمس عدداً من الصحافيين. وأعلنت النقابة «توقيف 12 صحافياً والاعتداء على 5 آخرين، فضلاً عن منع عشرات من الوصول إلى مقر نقابتهم في وسط القاهرة، وعدم تمكين غالبية الصحافيين من متابعة التظاهرات ميدانياً، إضافة إلى محاولة متظاهرين مؤيدين للنظام اقتحام مقر النقابة التي دعا المحتجون إلى الاحتشاد أمامها».

وقال مجلس نقابة الصحافيين في بيان عقب اجتماع عاجل أمس، إن المجلس «يدين بكل قوة ما تعرض له مبنى النقابة من محاولات محمومة لاقتحامه من بعض المتظاهرين المندسين والبلطجية تحت سمع وبصر قوات الأمن التي تواجدت بكثافة وأحاطت بمبنى النقابة من دون أي تدخل منها لحماية المبنى ومنع وقوع كارثة محققة كادت تحدث لو نجح هؤلاء المندسون في دخول المبنى والاشتباك مع الصحافيين الموجودين فيه».

ولفت إلى أن «تلك المحاولات تزامنت مع قيام قوات الأمن طوال يوم الإثنين بمنع عشرات الصحافيين من دخول نقابتهم، رغم إبرازهم هوياتهم الصحافية في سابقة لم تحدث منذ سنوات، وتعيد إلى الأذهان الوقائع والممارسات الأمنية في عهد نظام مبارك القمعي ودولته البوليسية».

وأضاف أن «تلك الممارسات الأمنية سبقتها عمليات قبض وتوقيف واحتجاز لعشرات الصحافيين ومداهمة منازل آخرين، وإصدار قرارات ضبط وإحضار ضد صحافيين آخرين».

وحذر مجلس النقابة السلطات المعنية في الدولة من أنه «لن يقف مكتوف الأيدي إزاء تلك الممارسات المشينة، سواء من جانب قوات الأمن التي وقفت مكتوفة الأيدي أمام محاولات اقتحام مبنى النقابة والاعتداء على الصحافيين، أو من جانب قطعان البلطجية الذين تجمعوا وتحركوا بحرية مريبة وبرعاية أمنية واضحة أمام النقابة طوال يوم الإثنين، في مشهد أعاد إلى الأذهان ممارسات جهاز الأمن والحزب الوطني المنحل في الاستعانة بأرباب السوابق والخارجين على القانون في مواجهة التظاهرات، في مظهر يسيء إلى صورة مصر وسمعتها».

وشدد المجلس على أنه «لم ولن يسمح أبداً لأي جماعة أو فصيل سياسي بأن يزج بالنقابة ويجرها إلى معركته الخاصة». وقرر التقدم ببلاغ عاجل إلى النائب العام ضد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة بصفتيهما، وتوثيقه بشهادات الصحافيين الذين تعرضوا لانتهاكات أثناء ممارستهم عملهم أو مُنعوا من دخول مبنى النقابة، أو كانوا موجودين داخل المبنى وتعرضوا لاعتداءات البلطجية، خصوصاً أن من ضمن المعتدى عليهم أعضاء من مجلس النقابة كانوا مكلفين تشكيل «غرفة عمليات» لمتابعة الموقف الميداني للزملاء الصحافيين الذين كانوا يؤدون عملهم في متابعة الأحداث.

وطالب بـ «الإفراج العاجل عن الصحافيين المحبوسين الذين تم القبض عليهم أثناء ممارستهم عملهم، ووقف قرارات الضبط والإحضار الصادرة بحق عدد من الصحافيين». وطالبت النقابة جميع السلطات في الدولة بـ «الاضطلاع بمسؤوليتها تجاه حماية الصحافيين، ووقف الانتهاكات ضدهم».

وأصدرت منظمات حقوقية بيانات عدة لإدانة حملة التوقيفات التي استهدفت المتظاهرين أول من أمس، فيما عقدت أحزاب «التيار الديموقراطي» اجتماعاً مساء أمس للبحث في الانتهاكات. ويضم التيار أحزاباً يسارية وليبرالية عدة، أبرزها «الكرامة» و «التحالف الشعبي» و «مصر الحرية» و «الدستور» و «المصري الديموقراطي الاجتماعي».

وكان مقرراً أن تجتمع الأحزاب في مقر حزب «الكرامة» صباح أمس، لكن الاجتماع أرجأ بضع ساعات لضمان حضور عدد من رؤساء الأحزاب لعرض رؤيتهم لتلك الأحداث، خصوصاً بعد حصار قوات الأمن مقر الحزب في الدقي في محاولة لتوقيف عشرات المتظاهرين الذين احتموا بالمقر خشية توقيفهم من الشرطة. وتدخل برلمانيون وسياسيون لفك حصار الحزب مساء أول من أمس وتأمين خروج الشباب من دون توقيفهم.

ودانت منظمة «العفو الدولية» أمس «توقيفات جماعية» نفذتها السلطات المصرية وشملت 238 شخصاً لمنع التظاهرات المعارضة أول من أمس. وقالت المنظمة في بيان إن «238 شخصاً على الأقل، بينهم أجانب وناشطون وصحافيون، أوقفوا».

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن النائب الموقت لمدير الشرق الأوسط في المنظمة ماجدالينا مغربي، أن «السلطات المصرية بدت وكأنها أعدت حملة لا رحمة فيها لسحق هذا الاحتجاج حتى قبل أن يبدأ». وأضافت أن «التوقيفات الجماعية وإغلاق الطرق والنشر الكثيف لقوات الأمن جعلت الأمر مستحيلاً أمام تنظيم تظاهرات سلمية».

ولفتت إلى أن عدد الموقوفين بلغ «أكثر من 90 شخصاً» خلال الأيام الأربعة التي سبقت التظاهرات، مضيفة أن غالبيتهم وضعت قيد الحبس الاحتياطي «باتهامات متنوعة». واتهمت السلطات بعدم القدرة على «التمييز بين التظاهرات السلمية والتهديدات الأمنية الحقيقية».