تفلّت ابن عاق من كل مشاعر الإنسانية، وتنصّل من صلة الرحم، وانقلب على رادع ديني أوصاه ببرّ الوالدين، ليقتل أباه بدمٍ بارد بفعل خلاف معه على الميراث، وإنتقاماً منه لزواجه من إمرأة أخرى، لتصبح نهاية الوالد في القبر، ونهاية القاتل في السجن ومن بعده ربما سيواجه مصير الاعدام. مسرح هذه الجريمة منطقة حيّ السلّم، أما فصولها فتكشّفت مع تلقي فصيلة المريجة، إتصالاً هاتفياً يبلغها عن جريمة ضحيتها رجل في العقد السادس، سقط مضرجاً بالدماء على درج منزله.     إنتقلت دورية من الفصيلة إلى محلّة حي السلّم، ولم تجد إلا آثار الدماء التي صبغت موقع الجريمة، لأن الضحيّة "حسن.ع" نقل إلى مستشفى السان جورج في الحدث وهو في حالة حرجة جداً.

آثار العملية أرشدت المحققين الى المشتبه به، فبقع الدماء إمتدت من الموقع الى سفرة الدرج المؤدّي إلى الطابق الأوّل حيث يسكن نجل المغدور ويدعى "دانيال"، كان الأخير داخل المنزل فتمّ إقتياده إلى التحقيق فوراً.  

قبل أن يبدأ استجواب الإبن، كان المحققون يستمعون إلى إفادة زوجة المجني عليه"مريم.ح" في المستشفى، فأفادت أنّ "دانيال" هو من أقدم على ضرب أبيه على رأسه، ومن ثمّ قام بإستبدال قميصه الذي تلطّخ بالدماء.. الزوجة المفجوعة بحادثة مصرع شريك عمرها أمام عينيها، روت تفاصيل الجريمة، هي كانت على شرفة منزلها تقوم ببعض الأعمال المنزلية، سرعان ما وقعت عيناها على "دانيال" يعبر الطريق ويدخل المبنى متوجهاً الى منزله.

وفي اللحظة نفسها صودف وصول زوجها الذي تعصف الخلافات بينه وبين نجله (من زوجة سابقة).. بضع دقائق مرّت ولم يدخل شريكها منزلهما، انتابها القلق خصوصاً بعدما شاهدت من الشرفة الابن يخرج من المبنى وقد بدّل قميصه.   أرسلت "مريم" إبنها "هلال" البالغ من العمر 13 عاماً لتفقد والده، ما هي إلا ثوانٍ معدودة حتى بدأ الطفل بالصراخ، لحقت به مسرعة لتجد شريك حياتها ملقى على الأرض ومضرجا بدمائه.

صحيح أنّها لم تشاهد "دانيال" يضرب والده لكنّ ما عزّز الشك في نفسها دخوله وخروجه المبنى في 10 دقائق وتغيير قميصه، خصوصاً وأنه اعتاد على ضرب والده كلّما صادفه في الطريق أو على سلّم البناية، كما أنه حاول ضربها لأنّها الزوجة الثانية للوالد.  

على ضوء إفادة الزوجة تكوّنت فكرة مبدئية عن المُشتبه به، جرى استجواب "دانيال" من قبل عناصر فصيلة المريجة، فأفاد أنّه حضر بعد الظهر إلى المنزل وعند وصوله إلى مدخل البناء، شاهد والده ملقى على الأرض والدماء تسيل منه، عندها نادى عمّه وطلب منه المساعدة في سبيل نقله إلى المستشفى، نافياً أن يكون بدّل قميصه في ذاك اليوم، مضيفا أنّه يوجد خلاف بينه وبين أبيه حول موضوع الإرث، وأنّه سبق وجرى توقيفه لمدّة ثلاثة أشهر، بسبب إلقائه قنبلة على منزل واالده، مشيراً إلى أنّه يُثابر على حضور جلسات المحاكمة.

  وفي معرض المقابلة بين زوجة الأب والإبن المشتبه به، أكّدت الأولى أنّ "دانيال" بدّل قميصه بعد دقائق من دخوله البناء وقبل خروجه منه مجدّدا لكنّها لم تُشاهده يضرب زوجها، فيما نفى الإبن هذه الواقعة، مؤكّداً أنّه بقي طيلة ذاك اليوم مرتدياً القميص نفسه.  

إفادة المشتبه به ابن الـ 34 عاماً، سرعان ما دحضها صديقه المقرّب، الذي زاره "دانيال" قبل الحادث مباشرة، إذ أكّد أنّ القميص الذي كان يرتديه الأخير لدى زيارته له في بيته لونه أزرق، وهو ليس نفسه القميص المضبوط الذي كان يرتديه بعد الجريمة، فيما جزم أقرباء المغدور، أنّ الخلافات متراكمة بين المدعى عليه ووالده على خلفية زواج الأخير من إمرأة ثانية هي "مريم.ح" وكذلك على الميراث.   قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد مكنّا طلب في قراره الظنّي عقوبة الإعدام لـ"دانيال.ع" وأحاله للمحاكمة أمام محكمة الجنايات بتهمة القتل العمدي.

لبنان 24