نشرت مجلة "ذي أتلانتيك" الأميركية مقابلة أجراها الصحافي جيفري غولدبورغ مع فيليب غوردن المساعد الخاص السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما، وقد ركزت المقابلة على سياسة البيت الأبيض تجاه المسألة السورية والعلاقات مع المملكة العربية السعودية.

دروس بديهيّة

في العراق يذهب رأي غوردن إلى كون أوباما تعلّم أنّ الاجتياحات الواسعة النطاق التي تؤدي إلى تغيير النظام، غير مفيدة، وفي ليبيا تعلم أن التدخلات الجزئية المؤدية إلى انهيار النظام لا تجدي، أما في سوريا تعلّم أن عدم التدخل أيضاً لا يجدي نفعاً، درس غير معبّر عنه ولكنه بديهي: حين يصل رئيس إلى مجموعة من الخلاصات، هل يمكنك لومه لأنه أراد الاستدارة نحو آسيا؟

وكما نعلم، القرار بعدم قصف نظام الأسد لم يكن قراراً شعبياً بين حلفاء أميركا الذين آمنوا أنّ أوباما بدّد مصداقية الولايات المتحدة، عندما تضع قوة عظمى خطاً أحمر، يذهب التفكير إلى أنّ عليها فرضه.

امتحان الأسد لعزيمتنا

كان جديراً بالملاحظة أنّ غوردن خالف قرار أوباما ووافق على انتقادات حلفاء واشنطن، لأنه معروف، في دوائر الأمن القومي، بكونه حذراً جداً من مفاعيل الانخراط الأميركي العميق في سوريا، ففي مسألة الخط الأحمر قال غوردن: "كان بالإمكان القول إنّ هذا لا يتعلق بتغيير النظام في سوريا، لكن عندما تقول الولايات المتحدة إنّك لا تستطيع استخدام الأسلحة الكيميائية، فإنّه لا يمكنك استخدام الأسلحة الكيميائية"، وتابع قائلاً "أنا أقبل أنه كان هنالك خطر من منحدر زلق إذا استعمل الأسلحة الكيميائية مجدداً، لكن كان ليتحمل الأسد أيضاً ذلك الخطر، وهذه هي الديناميّات التي أنت فيها، لذلك إحتجنا إلى أن نزرع في عقله أنّه إذا امتحن عزيمتنا، حسناً، فإنه كان ليواجه خطراً كبيراً جداً أيضاً".

وتابع غوردن: "وربّما لن يكون هذا الأمر من ضمن مصالحنا نحن، لكنّه لن يكون بكل تأكيد من ضمن مصالحه... كان هذا أكثر محدودية وبالتالي هدفاً أكثر قابلية للتحقيق من تغيير النظام، ما كان ليقوله هو "أنا أحاول أن أمنعهم من تسميم الناس بالغاز لأنّني إن لم أفعل، فنحن نقول بطريقة أساسية، بإمكانكم استخدام الأسلحة الكيميائية بقدر ما تحبون".

قلق غوردن

وسألت غوردن إذا كان يعتقد بإمكانية الرئيس أوباما سحب مخازن الأسلحة من الأسد إلى خارج سوريا، لو شنّ هجومه ضدّه، فأجاب بأن الرئيس الأميركي كان أمام احتمال أكبر للحصول على ما أراده لو نفّذ ضربته.

وأضاف "قلقي في ذلك الحين ... أنه في المرة المقبلة التي نقول فيها لأحد هنالك عواقب إذا تصرفت لن نكون نعني ذلك حقاً، أعتقد أنّ هذا له مضاعفات في أوروبا، في آسيا، وفي أمكنة أخرى، أظنّ أحياناً على مستوى المصداقية، وعلى مستوى الردع، عليك في الواقع أن تكون عازماً على فعل أمور ذات كلفة بالنسبة إليك".

تراجع خوفاً من إيران؟

عندما طرحت مع غوردن تأكيداً سمعته لدى دوائر الصقور في واشنطن، أنّ الرئيس اختار عدم مهاجمة سوريا سنة 2013 لأنه خاف من كون هجوم كهذا قد يغضب، سيّد سوريا، إيران الذي كان رافضاً للفكرة، وقال إنّ موضوع مشاعر إيران لم يؤتَ على ذكره مطلقاً في أيّ من محادثات البيت الأبيض المتعلقة بالهجوم المقترح، "لا أعتقد أنك بحاجة إلى تفسير لماذا لم يرد الرئيس التورط في سوريا... لست بحاجة لاختراع تفسير غير منهجيّ عن السبب الذي جعل رئيساً مصمماً على عدم التورط في حرب شرق أوسطية، قد أتى أفعالاً لتفادي التورّط في حرب شرق أوسطية".

السعودية وقواعد اللعبة

وفي موضوع المملكة العربية السعودية، قال غوردن: "هذا مثل آخر عن صعوبة تحدي قواعد اللعبة... إنه مهم للولايات المتحدة أن تملك علاقات قويّة هناك، وفي الخليج الأوسع، أيّاً كان الذي يفكر فيه أوباما شخصياً، هو يتبع سياسة قديمة عمرها عقود تقضي بمواصلة العلاقات القوية مع منطقة الخليج، وإذا فكّرت بذلك، ما الذي يقتضيه تحدي قواعد اللعبة بالنسبة للسعودية؟ الترويج لتغيير النظام؟ رفض بيع أسلحة إليهم والدفاع عنهم؟ هل سيؤدي ذلك إلى نتيجة أفضل إلينا؟" ورأى غوردن أنه مهما كانت الخلافات، فلا بدائل حسنة عن الشراكة بين أميركا والسعودية.

(24)