حسمت المعارضة السورية موقفها إزاء الضغوط التي تُمارس عليها وأكدت أن لا مفاوضات قبل وقف المذابح التي تمارسها قوات النظام وتسببت بسقوط عشرات المدنيين في الأيام الأخيرة، فيما لفت مصدر أميركي إلى نشر روسيا قطع مدفعية قرب حلب، التي تقرع طبول الحرب ضدها، وأبدى البيت الأبيض قلقه من قيام موسكو بنقل عتاد عسكري في سوريا.

وقال كبير المفاوضين السوريين محمد علوش إنه لا يمكن استئناف محادثات السلام في جنيف إذا لم توقف الحكومة «المذابح» وتطلق سراح آلاف السجناء.

وقبل أن يغادر جنيف قال علوش موجهاً حديثه لمفاوض النظام بشار الجعفري إنه إذا كان يريد حكومة وحدة وطنية حقيقية فعليه أولاً إطلاق سراح عشرة آلاف سيدة في السجون وعشرات الألوف من السجناء. وأضاف أنه يتعين عليه كذلك وقف «المذابح» التي تُرتكب كل يوم وبعد ذلك ربما يمكن استئناف المحادثات.

وقال مصدر قريب من الهيئة العليا للمفاوضات وديبلوماسي غربي أمس إن كل أعضاء وفد المعارضة السورية الرئيسية في محادثات السلام سيغادرون جنيف بحلول اليوم. وأكد المصدر لوكالة «رويترز» أن «كل أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات سيغادرون اليوم (أمس) وغداً (اليوم)». 

وقال الديبلوماسي إن الوفد تلقى تعليمات من المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب بمغادرة المحادثات بحلول اليوم. وأضاف «أشعر بالأسى وأعتقد أن هذا خطأ... سيكون من الصعب للغاية إيجاد حجة لعودتهم في ضوء الوضع على الأرض ويعلم النظام الآن أن القصف سيضمن استمرار بقائهم بعيداً«.

وقال الديبلوماسي إن جهوداً لا تزال تُبذل لإقناع المسؤولين بالبقاء في جنيف لكن هذا يبدو مستبعداً.

وعلقت الهيئة العليا للمفاوضات مشاركتها في المحادثات يوم الاثنين لكنها وافقت على مواصلة المحادثات الفنية بعيداً عن مبنى الأمم المتحدة. وقالت إنه لا يمكنها مواصلة المحادثات نظراً لتدهور الوضع العسكري على الأرض وغياب التقدم بشأن القضايا الإنسانية وعدم مناقشة الإفراج عن آلاف السجناء.

وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا للصحافيين إنه سيوضح ما وصلت إليه المحادثات اليوم، رافضاً تلقي أسئلة بشأن ذلك. وقال «إذا زادت المساعدات الإنسانية كما ينبغي أن يكون... وعاد وقف الاقتتال إلى ما نعتبرها أجواء مفيدة... فهذا بالتأكيد سيساعد في المناقشات السياسية«. 

لكن نظام بشار الأسد، ومثلما قوض المفاوضات عبر المجازر الدموية، يبدو مصراً على الحيلولة دون استئنافها، إذ نقلت وكالة «نوفوستي» الروسية عن رئيس وزراء النظام وائل الحلقي قوله أمس إن نظام الأسد سيجري استفتاء على الدستور بعد تشكيل حكومة جديدة، في خطوة تقوض خطة دي ميستورا بالكامل والتي تعتمد أساساً على هيئة انتقالية تضع هي دستوراً مؤقتاً للمرحلة الانتقالية التي تنتهي بإعادة تكوين النظام السياسي ووضع دستور دائم للبلاد.

أما ميدانياً، فقال مسؤول أميركي أمس إن روسيا تعيد نشر المدفعية في شمال سوريا بما يشمل مناطق قرب مدينة حلب في خطوة تزيد المخاوف الأميركية بشأن ما تعتزم قوات النظام المدعومة من روسيا القيام به لاحقاً.

ويقول مسؤولون أميركيون إنه على الرغم من سحب روسيا لنحو نصف مقاتلاتها في منتصف آذار فقد احتفظت بشكل كبير بقدراتها العسكرية داخل سوريا ولا تزال قوة عسكرية مؤثرة لدعم الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال المسؤول الأميركي إن إعادة نشر المدفعية وبعض القوات قرب حلب جاء عقب استعادة قوات النظام مدينة تدمر من أيدي تنظيم «داعش».

وقال نائب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض بن رودس في إفادة صحافية في الرياض أمس: «نحن قلقون من تقارير عن قيام روسيا بنقل عتاد إلى سوريا«. وأضاف «نعتقد أن قيام روسيا بنقل مزيد من العتاد العسكري أو القوات إلى سوريا أمر سلبي. نرى أن من الأفضل أن تتركز جهودنا على دعم العملية الديبلوماسية«.

وفي سياق متصل، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في أنقرة أمس أن روسيا تبقي على «وجود عسكري كبير» في سوريا رغم الإعلان عن «انسحاب جزئي» لقواتها. وقال ستولتنبرغ إنه «على الرغم من الإعلان عن انسحاب جزئي، نرى أن روسيا تبقي على وجود عسكري كبير لدعم نظام الأسد في سوريا»، مضيفاً أن وقف إطلاق النار «وعلى الرغم من الصعوبات» يبقى «الأساس الأفضل لحل سلمي متفاوض عليه» للنزاع في هذا البلد.

وفي موسكو ذكرت وكالة «تاس« الروسية للأنباء أن متحدثاً باسم الكرملين قال أمس إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي عبر خلاله عن قلقه بشأن «التدهور الخطير للموقف» في محادثات السلام السورية في جنيف.

(رويترز، أ ف ب)