قررت «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة «تأجيل» المفاوضات في جنيف رداً على خروق القوات النظامية وحلفائها الهدنة وعدم الإجابة على أسئلتها المتعلقة بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي، في وقت قدم الوفد الحكومي برئاسة بشار الجعفري وثيقة تضمنت اقتراح تشكيل حكومة موسعة تضم موالين للنظام ومعارضين ومستقلين، ورفض مناقشة الدستور او الانتخابات. وحققت فصائل معارضة، بينها تنظيمات إسلامية، تقدماً في ريفي حماة واللاذقية قرب معقل النظام وسط اشتباكات عنيفة. واستدعت التطورات اتصالات دولية وإقليمية لإنقاذ الهدنة والمفاوضات. وأعلن الناطق باسم الكرملين ليل أمس ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصل مع الرئيس باراك أوباما، وأن الرئيسين كررا عزمهما على نعزيز الهدنة في سورية.

وكان المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا اجتمع أمس، بالوفد الحكومي قبل حضور ثلاثة من وفد «الهيئة التفاوضية» إلى مقر الأمم المتحدة لإبلاغه قرارها «تأجيل» المشاركة في المفاوضات. وقال «تحليلنا يشير إلى أن الهدنة لا تزال صامدة في مناطق كثيرة على رغم القتال الحالي خصوصاً في حلب»، لافتاً إلى أن المعارضة أرجأت مشاركتها في المفاوضات احتجاجاً على خروق الهدنة. وأضاف أنه إذا استمرت الخلافات بين وفدي الحكومة والمعارضة سيطلب تدخل الجانبين الأميركي والروسي لإنقاذ المفاوضات.

وقالت «الهيئة» في بيان أنها قررت «تأجيل المفاوضات بعد دراسة مستفيضة لعدم وجود أي تقدم للمسار الإنساني وما تتعرض له الهدنة من خروق، ما جعل الهدنة في حكم المنتهية. كما أن ملف المعتقلين لا يزال معلقاً وزاد عدد المعتقلين بدل أن يتم الإفراج عنهم». ورأت أن «استمرار المفاوضات في هذه الظروف التي تزداد فيها معاناة شعبنا وعدم الاستجابة لجوهر القرار الدولي وبيان جنيف بتشكيل هيئة حكم انتقالية، يبدوان عبثاً ولا بد من مراجعة جادة».

وسبق قرار «الهيئة» إصدار 40 فصيلاً مقاتلاً في شمال سورية وجنوبها بينها «أحرار الشام» و «جيش الإسلام»، بياناً دعت فيه القيادة السياسية إلى التزام «مبادئ الثورة» وعدم التفريط ورفض اقتراح نقله المبعوث الدولي وتضمن تعيين الرئيس بشار الأسد ثلاثة نواب، بالتزامن مع إعلان فصائل معارضة «معركة رد المظالم» والتقدم في ريف اللاذقية، إضافةً إلى سيطرة تنظيمات أخرى على قرى في سهل الغاب في ريف حماة بين إدلب واللاذقية، والاقتراب من بلدة جورين التي تضم مركزاً عسكرياً استراتيجياً للقوات النظامية.

وركز الجعفري في لقائه دي ميستورا «على خطورة العمل الاستفزازي غير المسؤول الذي أقدم عليه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لدعوة حكومته للاجتماع في الجولان المحتل». وأشار إلى أن دمشق وجهت «رسالتين عاجلتين إلى مجلس الأمن والأمين العام طلبت فيهما التدخل فوراً لإدانة عقد هذا الاجتماع والمطالبة بعدم تكراره».

لكن الجديد في اللقاء، كان أن الجعفري قدم للمرة الأولى ورقة سياسية تضمنت رداً على سؤالين طرحهما دي ميستورا مساء الجمعة الماضي في خصوص المقصود بـ «الحكومة الموسعة» والمعارضة المقبولة من دمشق. لكنه أكد أنه لا يملك صلاحية من دمشق للحديث عن الدستور الجديد أو الانتخابات، مع إشارته إلى أن «الحكومة الموسعة» يمكن أن تصوغ دستوراً جديداً.

وإذ دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى «عمل كل شيء» للحفاظ على الهدنة، علمت «الحياة» أن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت بعث برسالة إلى دي ميستورا أكد فيها دعم فرنسا الكامل مهمته لإيجاد حل للأزمة السورية بالتفاوض، لكنه لفت إلى أن وقف القتال الذي يمثل نجاحاً مهماً في المسار الذي بدأ بعد تبني مجلس الأمن في قرار له، بات مهدداً. وحض على «الضغط الضروري لتسهيل تقدم المسار السياسي» وبحث عناصر القرار 2254 وتتضمن تشكيل حكم شامل وذي صدقية غير طائفي خلال ستة أشهر وصوغ دستور جديد ثم إجراء انتخابات خلال ستة أشهر. وأكد أن المرحلة المقبلة من المفاوضات يجب أن تتركز فقط على عمل الحكومة الانتقالية وعملها وصيغ توزيع السلطات التنفيذية وتنظيم المرحلة الانتقالية.