مر شهر على إعلان الرئيس فلاديمير بوتين سحب معظم القوات الروسية من سوريا، ولكن ما تزال القوة العسكرية لبلاده على المستوى نفسه، فعلى الرغم من تراجع عدد الطائرات المقاتلة ما تزال روسيا تحتفظ بعدد كبير من طائرات الهليكوبتر الهجومية القادرة على توفير دعم قتالي عن قرب للقوات الحكومية السورية.    

ولم يظهر تحليل أجرته رويترز للبيانات المعلنة أي تراجع في عمليات الإمداد؛ فالرحلات المنتظمة لطائرات الشحن التابعة للجيش الروسي ما تزال مستمرة وتصل إلى قاعدة حميميم في غرب سوريا، منذ إعلان بوتين سحب معظم القوات في الرابع عشر من آذار الماضي.  

واستمرت كذلك عمليات الإمداد عبر مسار الشحن "السوري السريع"، وانتشرت قوات من سلاح المهندسين الروسي في مدينة تدمر التاريخية، وظهرت معلومات عن وجود قوات خاصة روسية في سوريا لتشير إلى مشاركة في الصراع أكبر مما اعترفت به موسكو سابقا.

  وقال نيك دي لاريناجا محرر الشؤون الأوروبية في مجلة آي.إتش.إس جين ديفنس الأسبوعية: "لم يجر سحب كبير (للقوات). الوجود العسكري الروسي في سوريا ما يزال بالقوة نفسها التي كان عليها في نهاية 2015".  

وخفف إعلان الانسحاب من الضغط السياسي الغربي على بوتين فيما يتعلق بالتدخل في سوريا، وأتاح الفرصة لإجراء عمليات صيانة للطائرات التي استخدمت بكثافة.

  لكن الإبقاء على وجود عسكري قوي في سوريا، يمكن بوتين من الاحتفاظ بقدرته على التأثير على الوضع هناك، من خلال مساندة الرئيس بشار الأسد أوثق حلفاء موسكو في الشرق الأوسط.

  وسيرغب بوتين أيضا في ضمان دور روسيا في مساعي التوصل لحل للصراع، وهي عملية استغلتها موسكو لإثبات وجودها كقوة سياسية عالمية، بعد أن نبذها الغرب بسبب الأزمة في أوكرانيا.

  وأظهرت صور ومقاطع فيديو نشرها مدونون أتراك من خلال موقع (بوسفورس نيفال نيوز) على الإنترنت، سفينة الإنزال الروسية ساراتوف في طريقها إلى قاعدة طرطوس البحرية الروسية في محافظة اللاذقية بغرب سوريا، محملة بعشر شاحنات عسكرية على الأقل.   ويتكرر ظهور هذه السفينة في المسار "السوري السريع" الذي تستخدمه روسيا لنقل إمدادات إضافية وعتاد إلى سوريا منذ الإعلان عن سحب القوات.  

ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلبات مكتوبة أرسلتها رويترز للتعليق.

  قوات خاصة   ويقول مسؤولون غربيون إن الطائرات الهليكوبتر من طراز كيه.إيه-52 هي المروحية الرسمية التي تستخدم لمساندة القوات الخاصة في الجيش الروسي، وإن ظهورها في سوريا دليل على تزايد أعداد القوات البرية الروسية التي تشارك في القتال مباشرة.  

واعترفت روسيا بوجود قوات خاصة في سوريا للمرة الأولى بعد فترة وجيزة من إعلان انسحابها العسكري، قائلة إن تلك القوات تنفذ مهام استطلاع تنطوي على مخاطر كبيرة إلى جانب "مهام خاصة أخرى".  

ومنذ الإعلان يقول دبلوماسيون غربيون إن القوات الروسية استهدفت بشكل متزايد مقاتلي تنظيم الدولة وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وكانت روسيا تركز ضرباتها من قبل على معارضين آخرين للأسد بما في ذلك جماعات يعتبرها الغرب معتدلة.

  ويوضح استبدال المقاتلات بالهليكوبتر أن دور روسيا العسكري الجديد في الصراع السوري، هو الاشتراك المباشر في القتال على الأرض بدلا من إسقاط القنابل من على ارتفاع آلاف الأقدام.

  وقال دي لاريناجا إن طائرات الهليكوبتر الهجومية تؤدي دورا في المعارك أكبر من ذلك الذي كانت تؤديه المقاتلات فيما سبق. وأضاف "لم نشهد من قبل قط طائرات روسية تحلق على هذا المستوى المنخفض".  

واستخدمت الهليكوبتر من طرازي إم.آي-28إن و كيه.إيه-52 التي تشبه كثيرا طائرات الأباتشي الأمريكية لتوفير غطاء جوي عن قرب للجيش السوري، عندما حقق نصرا كبيرا باستعادة تدمر من أيدي الدولة الإسلامية في آذار/ مارس.   وقال برونك، إن نشر طائرات الهليكوبتر هو استجابة للاحتياجات المتغيرة للجيش السوري.  

وأضاف: "لم تعد تلك الطائرات تقصف المدن المحاصرة كثيرا لمحاولة طرد المتمردين... وبدلا من ذلك تحاول المساعدة في الاشتباك القائم أكثر على التحرك والمناورة".  

وقال: "حيث إن الدور التكتيكي لقوات الأسد أو تركيزها قد تغير، فإن أسلوب الدعم الروسي يجب أن يتغير".  

(رويترز)