أعادت المعلومات التي أوردتها وكالة "رويترز" عن وصول قائد "فيلق القدس" الجنرال قاسم سليماني الى موسكو، إلى الأذهان الزيارة السابق له للعاصمة الروسية والتي وضعت خلالها "خريطة طريق" للانخراط الروسي العسكري في سوريا، وأثارت تكهنات عن أهداف الزيارة التي تتزامن مع ترنح وقف النار الهش المعمول به منذ ستة أسابيع، والمعركة المعلنة للنظام لاستعادة حلب، فضلاً عن الغموض الذي يكتنف صفقة صواريخ "أس 300" الروسية لايران.

  ففي تشرين الاول الماضي، خرجت "رويترز" برواية لم تنفها موسكو ولا طهران عن اجتماع عقد في العاصمة الروسية في 15 تموز ، فتح خلاله سليماني خريطة سورية ليشرح لمضيفيه الروس كيف يمكن أن تتحول سلسلة من الهزائم التي مني بها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، نتصاراً بمساعدة روسيا.

  ومذذاك، اعتبرت زيارة سليماني لموسكو الخطوة الأولى في التخطيط للتدخل العسكري الروسي الذي أعاد تشكيل الحرب السورية ونسج خيوط التحالف الإيراني- الروسي الجديد لدعم الأسد.  

ففي حينه، كان النظام السوري يواجه أخطاراً حقيقية ، وكان ميزان القوى يميل لصالح المعارضة المسلحة. وأوضح مسؤول إقليمي بارز ل"رويترز" في حينه إن " الروس كانوا مربكين كثيراً وشعروا أن الأمور في انحدار، وأن النظام صار في خطر حقيقي. ولكن الايرانيين كانوا يعتبرون أنه لا تزال هناك فرص وقدرة على استعادة زمام المبادرة، ووقتها اضطلع سليماني بدور في إقناعهم".  

ويقول ثلاثة من المسؤولين الكبار في المنطقة إن رحلة سليماني إلى موسكو في تموز الماضي سبقتها اتصالات روسية إيرانية رفيعة المستوى أسفرت عن اتفاق سياسي يقضي بضرورة ضخ دعم جديد للأسد الذي مني بخسائر متلاحقة.   وتشير رواياتهم إلى أن التخطيط للتدخل بدأ يتبلور منذ أشهر مع تراكم هزائم الأسد.

ويعني ذلك أن طهران وموسكو كانتا تناقشان طرق دعم الأسد في الوقت الذي كان المسؤولون الغربيون يتحدثون عما كانوا يعتقدون أنها مرونة جديدة في موقف موسكو من مستقبله.  

الزيارة الثانية إذا حصلت زيارة سليماني تلك وسط مشهد ميداني محدد ساهم التدخل الروسي في تغيير وأكسبت النظام السوري زخماً جديداً بعدما كان على وشك الانهيار.

  وتأتي الزيارة الثانية وسط مرحلة جديدة متوقعة في الحرب.فاتفاق وقف الاعمال العدائية على وشك الانهيار، والنظام السوري يستعد لشن هجوم للسيطرة على حلب، وهو ما يمكن أن يعتبر، إذا تحقق، نقطة تحول في حرب مستمرة منذ أكثر من خمس سنوات.

وبعدما نفت موسكو تصريحات سورية بأنها ستشارك في معركة حلب، نشرت صحيفة "كيهان" الايرانية الاثنين أن روسيا لا تستطيع فرض رغبتها على الاسد.

  وقبلها، أكد علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي أن الاسد خط أحمر.

وقال:"يمكن واشنطن أن تكون توصلت الى اتفاق مع موسكو على ازاحة الاسد خلال أشهر، ولكن الاسد خط أحمر".   الواضح أن زيارة سليماني لموسكو تأتي وسط قلق إيراني من صفقة روسية مع الغرب في شأن سوريا، الامر الذي يثير تساؤلات عن الاهداف المحددة لهذه الزيارة وأبعادها في هذا التوقيت.

فمع أن إيران أعلنت هذا الاسبوع وصول الدفعة الاولى من وصواريخ "أس 300" التي طال انتظارها، نسبت "رويترز" الى مصدر أمني إيراني كبير أن" الجنرال سليماني سافر إلى موسكو الليلة الماضية لمناقشة قضايا تتضمن تسليم (أنظمة الدفاع الصاروخي الجوي) إس-300 (التي ستسلمها موسكو لطهران) وتعزيز التعاون العسكري".  

كذلك، أفاد ديبلوماسي غربي في موسكو أنه على علم بأن سليماني سيجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الدفاع سيرغي شويغو. الا أن الكرملين نفى أي لقاء متوقع لبوتين مع سليماني. ويواجه سليماني عقوبات دولية تحظر عليه السفر، الا أن "فوكس نيوز" نسبت الى مصادر استخباراتية عدة أنه استقل طائرة خاصة صباح الخميس من طهران الى موسكو.

دهقان والى زيارة سليماني، أعلنت السفارة الإيرانية في موسكو أن وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان ينوي عقد لقاء ثنائي مع نظيره الروسي سيرغي شويغو وغيره من وزراء الدفاع الذين سيشاركون في مؤتمر موسكو للأمن الذي يعقد في موسكوبين 26 نيسان و28 منه.

ونسبت وكالة أنباء "أنترفاكس" الى مصدر في السفارة الايراني في موسكو أن دهقاني قد يبحث مع المسؤولين الروس في صفقات لشراء مقاتلات "س يو 30 س م" ودبابات "ت 90".  

نتنياهو وبين الزيارة المفترضة لسليماني، والزيارة المعلنة لدهقاني، يصل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس المقبل الى موسكو لمناقشة مسائل أمنية تتعلق بالمنطقة.

وأوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" على موقعها على الانترنت أن نتنياهو سيناقش في موسكو أزمة سوريا والملف الفلسطيني-الاسرائيلي. وكانت طهران أعلنت الأربعاء تسلمها الدفعة الاولى من صواريخ أس 300، على رغم ضغوط اسرائيلية على موسكو للتراجع عن الصفقة.

وقالت "يديعوت أحرونوت" أن هذه المسألة قد تكون على جدول أعمال المحادثات أيضاً.

وكان بوتين وجه الدعوة الى نتنياهو لزيارة موسكو خلال زيارة الرئيس الاسرائيلي روفين ريفلين في آذار الماض، بعد أيام من إعلان الكرملين سحباً جزئياً للقوات الروسية سوريا.

 

النهار