أبرزَت الصحف العالميّة الصادرة اليوم (الثلاثاء) الأوضاع في شمال سوريا، كاشفةً عن الإستعداد لمعركة حلب، والتباين في الموقفين الروسي والسوري بشأنها. ففي الوقت الذي أشارت صحيفة "بيزنيس إنسايدر" إلى إعلان رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي عن استعداد الجيش السوري لتحرير حلب بمساعدة الطيران الحربي الروسي، خرج الجيش الروسي لينفي نية موسكو الدخول عسكريًا في المعركة الكبرى.

 

وأفادت "بيزنيس إنسايدر" أنّ الرئيس السوري بشار الأسد اتخذ روسيا "رهينة"، وما سيأتي في الأيام القادمة سيكون أسوأ ما شهدته الحرب السورية، فالقوات السورية تتقدّم في الوقت الذي يستعد المفاوضون في جنيف للتوصل إلى إنتقال سياسي للسلطة وإنهاء الحرب التي اندلعت منذ 5 سنوات.

 

بين إنتخابات الأربعاء والإنسحاب الروسي

وإذ تطالب المعارضة السورية بإقصاء الأسد عن السلطة ووقف إطلاق النار في الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة، يتحضّر النظام لإجراء إنتخابات تشريعية يوم غدٍ (الأربعاء) ويخطّط لشنّ هجوم كبير على حلب لإستعادتها من القوات المسلحة. ووفقًا لـ"بيزنيس إنسايدر" يبدو أنّ محاولة موسكو وضع الأسد في الزاوية عبر الإنسحاب الجزئي من سوريا، للمستشارين والطائرات الحربية، أتت بنتائج عكسيّة.

 

وتابعت أنّ التدخل العسكري الروسي بدأ في أيلول الماضي، وأعقبه هجوم للنظام لاستعادة حلب في أواخر 2015، لكن النتيجة المرجوّة لم تتحقق مع قرار روسيا بالإنسحاب الشهر الماضي، بالرغم من أنّ القوات السورية استطاعت كسر الحصار عن قريتين شمال حلب كانتا بمثابة خط إمدادات من تركيا للمسلّحين هناك.

الأسد مستعدّ لـ"خدعة" بوتين

ولفتت الصحيفة إلى أنّ الحقيقة هي أنّ بوتين أمرَ قواته الرئيسية بالإنسحاب من فتيل النزاع في وقت تقوم الإستراتيجية الروسية على توسيع نفوذ موسكو في محادثات السلام المقبلة في جنيف ويبدو أنّ الأسد مستعدّ الآن للردّ على "خدعة" بوتين.

لكنّ روسيا تخشى أن يستطيع أحد عزل الأسد وإنهيار سوريا معه، بحسب ما قاله بول سالم نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن لصحيفة "وول ستريت"، والذي لفت إلى أنّ "الروس رهينة بقاء الأسد".

موسكو تكذّب دمشق!

 

ولفتت الصحيفة إلى أنّ موسكو نفت أمس (الإثنين) أنها تخطط لأي نوع من المشاركة في عمليات مع الأسد لاستعادة حلب، لكنها في الوقت عينه نقلت عن شارل ليستر، الزميل في معهد واشنطن أنّه "من غير المرجّح أن تتخلّى موسكو عن مصالحها في سوريا".

 

من جهته، قال بوريس زيلبرمان، الخبير الروسي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات لـ"بيزنيس إنسايدر" أنّه "من الواضح أنّ روسيا إنسحبت لكنّها تحافظ على مكانتها في سوريا"، وأضاف: "إذا حصلت معركة حلب فستكون التجربة من أسوأ ما شهدته الحرب السورية".

 

أمّا مارك غالوتي، الخبير في الشؤون الأمنية الروسية والبروفيسور في جامعة نيويورك، فقال: "إذا إجتمع الروس والسوريون لإعادة حلب، سيفضّلون النفعية العسكرية على أمن المدنيين". وأضاف: "لا يزال من غير الواضح أن تشارك روسيا في الهجوم الجديد".

 

توازيًا، لفت جيف وايت، المحلل السياسي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى لصحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أنّ موسكو ولو لم تشارك بالحرب الآتية، فإنّ الجيش الروسي قال إنّ 8000 مقاتل من "جبهة النصرة" تجمعوا حول حلب من أجل قطع الطريق الرئيسي بين حلب والعاصمة دمشق". وذكّرت "وول ستريت" بما قاله الحلقي بأنّ "سوريا تستعدّ بدعم روسي لعملية إستعادة السيطرة على حلب".

 

من جهته، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف إنّ النصرة جمّعت عناصرها في محيط حلب وصعّدت عملياتها العسكرية ضد القوات السورية والمدنيين، إلا أنّ سوريين معارضين لفتوا إلى أنّ المعارضة سيطرت على بعض الأراضي لمدّة قصيرة، لكنّ القوات السورية أجبرتها على الإنسحاب صباح الأحد بعد تكثيف الغارات الروسية. وأشاروا إلى أنّ المعارك عادت بعد أسابيع من الهدوء.

(BI WSJ - لبنان 24)