انشغل الاعلام العربي قبل فترة وجيزة بطلب المرشد الأعلى في الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي من مجلس الخبراء الاستعداد لاختيار خليفة له.

 

"لبنان 24" واكب هذه القضية منذ بدايتها في ظل تواتر التقارير حول صحة المرشد. يومها نفت مصادر مطلعة "الشائعات" حول هذا الأمر، مؤكدة ان كلام السيد خامنئي اتى ضمن سياق طبيعي في اول لقاء له مع مجلس الخبراء المنتخب حديثا؛ وفي قائمة مهامه التي اُسس من أجلها انتخاب "الولي الفقيه".

لا يبدو الشارع الايراني متفاعلا مع ما يُنشر في الإعلام العربي والغربي عن قضية حساسة بحجم خلافة المرشد؛ ذلك أن الأجواء لدى المعسكرين السياسيين الرئيسيين؛ المحافظين والاصلاحيين، مضبوطة بحُكم منظومة السلطة التي يختبرها الايرانيون منذ قيام الثورة الاسلامية.

مجددا، تؤكد مصادر ايرانية مطلعة لـ "لبنان 24" أن "شخص وموقع القائد يتعرض لحملة شائعات منذ سنوات طويلة، ولا جديد في ما يُطرح الآن".

ولكن من هم المرشحون المحتملون لخلافة المرشد بغض النظر عن دقة الكلام حول وضعه الصحي؟

تسهب المصادر الايرانية نفسها في شرح هيكلية الحكم في ايران، لتخلص الى ان المرشد؛ كما بعض المناصب الحساسة، تتم صناعتهم على مرّ السنوات "ضمن دوائر تأثير تعمل في الظل" وتعكس ارادتها عبر المؤسسات والهيئات الدستورية كمجلس الخبراء.

الملفت في Process الصناعة هذا، أن المرشد الحالي نفسه يتمتع بنفوذ كبير ضمن دوائر الظل بحكم سياسته الاستيعابية وتأثير شخصيته الكاريزماتية، فهو قد اكتسب تاريخيا أصوات رجال الدين والحوزة في قم؛ الشديدة التأثير في المجتمع الايراني، كما يتولى بالكامل صياغة وتوجيه عقيدة الحرس الثوري السياسية والقتالية؛ مع ما يشكل الحرس من قوة وثقل شعبي في ايران لا تظهر فعاليته كثيرا إلا في الملمات الكبرى. أضف الى ذلك، أن غالبية أصوات اعضاء مجلس الخبراء المنتخب حديثا والمؤلف من 82 صوتا لا تزال الى جانبه، على الرغم من نجاح الاصلاحيين في الفوز بـ35 مقعدا عن طهران.

بهذا المعنى؛ فإن السيد خامنئي هو المؤثر الاكبر في اختيار خليفة له.

أسماء ومرشحون

 

ماذا عن الأسماء المتداولة منذ سنوات لمنصب المرشد؟

يبتسم مصدرنا حين نطرح أمامه بعض الأسماء الواردة في تقارير اخبارية عربية، مشيرا الى أن احد أبرز مشاكل العرب مع ايران عدم فهم تركيبتها والذهاب بعيدا في بناء استنتاجات لا اساس لها في المشهد الايراني.

ينتهي الحديث هنا، لننتقل الى استصراح صحفيين ومحللين سياسيين واكاديميين حول الاسماء المرشحة برأيهم لتولي منصب "الولي الفقيه" بعد السيد خامنئي.

تتقاطع الاراء حول الشخصيات التالية:

-السيد ابراهيم رئيسي:

هو المدعي العام السابق في ايران، وقد عينه المرشد مؤخرا "سادنا للحرم الرضوي"، أي المسؤول عن ادارة شؤون مرقد الإمام الثامن لدى الشيعة المدفون في مدينة "مشهد" الايرانية "علي الرضا" عليه السلام. ومن يتولى هذا المنصب عادة يحظى بنفوذ معنوي ومادي كبير في ايران نظرا لحساسية مسؤولياته التي تتخذ بُعدا عقائدياً ودينيا.

السيد رئيسي أحد المقربين من المرشد الحالي، وقد جاء في رسالة الأخير خلال تعيينه في منصبه مطلع الشهر الماضي اشارة لافتة الى قدرته على ادارة المؤسسات الكبيرة، حيث ورد في نص الرسالة: "أنصّب حضرتكم، وأنتم ربيب تلك الديار المباركة، وتتمتعون بالصلاح والأمانة، ومتمرس في إدارة المؤسسات الكبرى، لسدانة هذه الروضة المنوّرة المقدّسة".

يُعرف عن السيد رئيسي خطابه العالي النبرة ضد الولايات المتحدة الأميركية و"ادواتها في المنطقة". وهو يتماهى الى حد كبير مع خطاب المرشد في ما يخص الملفات الداخلية والخارجية مع تركيز على السياسة الدولية.

-السيد مجتبى خامنئي:

الإبن الثاني للسيد خامنئي. يحظى بشعبية واسعة في أوساط الحرس الثوري (الباسدران) والتعبئة الشعبية (الباسيج). تطاله الكثير من الشائعات، نظرا لكونه ابن المرشد؛ غير أن شعبيته في المحافظات الايرانية مثيرة للانتباه. يجيد السيد الشاب (47 عاما) حياكة العلاقات العابرة للحدود، حتى الاقتصادية منها، كما يشهد له سياسيون في روسيا والصين والهند وافريقيا. يتمتع السيد مجتبى بتأثير كبير في مكتب المرشد.

-السيد محمود الشاهرودي:

من مواليد النجف الأشرف في العراق. تم تداول اسمه كثيرا في السنوات الاخيرة بصفته مرشحا لتولي منصب "الولي الفقيه". كان يدير السلطة القضائية في البلاد الى أن تم تعيينه مؤخرا، بحسب ما علم "لبنان 24"، في منصب استحدثه السيد خامنئي لحل المشاكل التي قد تنجم بين الهيئات الدستورية الرئاسية في ايران؛ ما يؤشر الى ثقته الكبيرة به. بالإضافة الى كونه عضواً في مجلس "صيانة الدستور" وعضواً في "مجمع تشخيص مصلحة النظام".

هو أحد تلامذة المرجع الشيعي العراقي الشهير السيد محمد باقر الصدر، ويُقال انه كان صلة الوصل بين السيد الصدر والامام الخميني. وقد تعرض للاعتقال والتعذيب من قبل نظام صدام حسين.

يُعرف عنه سعة اهتماماته واطلاعه على العديد من المجالات الفكرية والاقتصادية والدينية.

-السيد حسن عاملي:

عضو حالي في مجلس الخبراء عن محافظة أردبيل، وإمام صلاة الجمعة فيها (أي ممثل الولي الفقيه في هذه المحافظة).

يُعرف بخطابه المؤيد بشدة لسياسات الحرس الثوري في العراق وسوريا، كما في سعة اطلاعه على المواضيع الاقليمية والدولية وتأييده المطلق لمواقف الولي الفقيه.

الى هؤلاء يتداول البعض في ايران اسماء رجل الدين المحافظ صادق لاريجاني الرئيس الحالي للسلطة القضائية وبعض مراجع الدين التقليديين كخلفاء محتملين.

وحتى تحين لحظة انتخاب مرشد جديد من المؤكد ان المرشد الحالي يتمتع بصحة جيدة ويدير بحزم المفاصل الرئيسية في ايران.

( "لبنان 24" ـ طهران)