يعود الدوري اللبناني بكرة القدم فيأسر بعودته الجميع برغم الروتين الكبير الذي أبقى المواقف على حالها، تستعيد معه لغة الحوار الكروي، وتنشد إلى أكثر من ملعب فلا يضر أن تابعت «الصفاء» المتصدر بـ 40 نقطة، أم «العهد» الذي يلاحقه ولا يغفل عنه «قيد أنملة» أو «النجمة» الذي ما زال يحلم باستعادة القمة، ناهيك عن «الأنصار» المتجدد بطريقته وأسلوبه أما ما ما تبقى فإنه أصبح يسبح بعكس التيار.. فالأربعة المتنافسون على اللقب «فوق صفيح ساخن» فكل واحد ينتظر سقوط الآخر وعينه على فريقه.
لكن قبل الدخول في ماهيات وضع الكبار الذين يتمسكون بمراكزاهم «ويعضون عليها بالنواجذ»، فإن الترتيب في نهاية الأسبوع الـ 16 بالنسبة للفرق التي تحتل المراكز من الأول وحتى التاسع بقيت على حالها في الوقت الذي حدثت فيه المعجزة وخلع «الحكمة» ثوب الخسائر وألبسه إلى «الغازية» (6 نقاط) الذي لم يتذوق طعم الفوز فغيّر في قاع الدوري وقفز الى المركز الـ11 محققاً أول فوز له هذا الموسم على حساب «الساحل» القوي، ودفع بالفريق الجنوبي من خلال هذا الفوز الى المركز الأخير وتساوى مع «السلام» زغرتا العاشر بالنقاط (7 لكل فريق)، فرفع حدة الصراع من أجل البقاء وأعاد الأمل إلى صفوفه بالبقاء موسماً آخر بين الأضواء إذا استمر على هذا المنوال.
بقيت الفرق الثلاثة في دائرة الخطر تعيش المعاناة ما يستدعي عدم التفريط بأي نقطة في الأسابيع الستة المتبقية من الدوري، وهو أمر يفترض معه مراجعة فنية لأوضاعها وإلا فإن هناك فريقين سيودعان الأضواء وعلى الدنيا السلام؟.
عود على بدء الى الكبار، بينها قد تتعدد الحيثيات في المباريات بحيث بات كل مدير فني يلعب على طريقة الكأس فلا شيء أهم من الفوز، لأن أي «دعسة ناقصة» قد تطيح آمال المتأملين بمعجزة وهذا ينطبق على المتصدر لأنه سيكون مضغوطاً الى درجة الخروج بنتائج إيجابية يجب أن تبقيه في مكانه بفارق النقاط الأربع.
«سيبدأ حك الركاب» عند الذين ما زالوا في دائرة المنافسة، فعلى رأي المصريين أن»الجيّات أصعب من الرايحات» فـ «الصفاء» لم يواجه أي مواقف صعبة لأنه خاض مبارياته السهلة في الإياب، إذ فاز على «الحكمة» و «السلام» و «الغازية» و «الراسينغ» لكنه وقع في فخ التعادل أمام «الاجتماعي» وضيق ذلك الفارق مع «العهد» و «النجمة»، إلا أن الصعوبة سوف تبدأ اعتباراً من الأسبوع الـ17، انطلاقاً من «طرابلس» في الشمال، لتنسحب بعدها على المواجهات الكبيرة مع منافسيه الاربعة، وهنا يبدأ العد العكسي وتنجلي المواقف، وسينتظر «الصفاء» الامتحان وفيه «يُكرم المرء أو يُهان»..
على صعيد «العهد» فالمواقف متشابهة الى درجة عالية لأن الفريق لم يخض بدوره مواقعه المهمة، إذ لعب مع الفرق ذاتها وكانت الطامة الكبرى تعادله مع «الغازية»، ليرتفع بعد ذلك بمستواه ويحقق أرقاماً تشير الى الكثير ولينتظر بدوره على قارعة المواجهات مع الثلاثة الكبار.
وينطبق الأمر على «النجمة» الذي كاد أن يتعثر في اكثر من موقعة سهلة، وهو لعب مبارياته مع فرق المؤخرة باستثناء «طرابلس» من دون أي زلة قدم وبات ينتظره الأصعب والأقوى، كذلك فعل «الأنصار»، المنتفض فنياً وتقنياً، إذ من خلال ما تقدم سيكون على الجميع التحدث من دون حرج.

المباريات
وقد يصح القول في مباريات الأسبوع السادس أنها أعادت الدوري الى «سكة حامية» فنياً وتهديفياً، وسجل فيه 16 هدفاً وكان الأبرز عدم تمكن الفرق الخاسرة من التسجيل بمرمى الفائزة باستثناء مباراة «طرابلس» بين «النجمة» و» الغازية» بحيث تمكن الاخيرمن هز الشباك مرتين، وهذا رفع من مستوى الدوري وأكد على حدّية اللقاءات ومحاولات البعض عكس واقعه وموقعه.

«الصفاء»
رفع «الصفاء» من جهوزيته فكل مباراة برأي مديره الفني إميل رستم لها وضعها وظروفها، وهو الأمر الذي دفع الفريق كي ينقضّ على «الراسينغ (3 ـ صفر) في موقعة صفاوية بحتة بكّر فيها علاء البابا بالتسجيل (6)، ثم أسفر الضغط الهجومي عن هدف آخر، بكرتين ملعوبتين من النجم المتألق محمد حيدر وهو ما عزز وضع الفريق ليسجل الهدف الثالث (71)، من ركلة جزاء نفذها رودريغز.
نفحة هجومية صفاوية وتلاعب وتمريرات وتحكم بالكرة ميّز الفريق وأكد على صوابية جهازه الفني وطريقته المبتكرة في كل لقاء.

«العهد»
ومن شاهد مباراة «العهد» وهو يواجه «طرابلس» في الشوط الأول على ملعب برج حمود فإنه يدرك للوهلة الأولى أن تأثير لاعب مثل أحمد زريق الغائب بثلاث إنذارات، على الفريق كان كبيراً، لكن من يتابع الشوط الثاني يكتشف أن الألماني جاسبرت كان قادراً على تغيير ذهنية لاعبيه بطريقة عجيبة ليفوز (4 ـ صفر)، وبالمقارنة يصح القول «أين الثريا من الثرى؟» وكأنه أخرج فريقاً وزج بآخر، بطريقة مدروسة عالية في التمرير وتبادل المراكز والتهديف، ناهيك عن التغييرات التي فعلت فعلها وأكدت أن «العهد» هو «الزعيم».
بكّر مهدي فحص الذي تاه في البداية بين أحضان الطرابلسيين، بكّر بالتسجيل بكرة مباغتة (47)، رائعة ثم أبدع الموهوب التاريخي «أونيكا» بكرة مرفوعة على رأس ممادو بالمقاس (69)، ورفض شعيتو أن يخرج من المولد بلا حمص فكانت كرته الانفرادية (39)، وظن الجميع أن المباراة ستنتهي بهذه النتيجة إلا أن الأرض انشقت عن حسين حيدر البديل المهاري الموهوب الذي كان بعيداً عن الأنظار في الفترات السابقة بقرار المدرب، فسجل من مجهود فردي رائع، الهدف الرابع (90+2).

«النجمة»
وقلب «النجمة» تخلفه بهدفين في ملعب رشيد كرامي بطرابلس الى الفوز على «الغازية» (3ـ2)، في اختبار صعب ومهم كاد أن يفقد الفريق انطلاقته وبريقه فستر الله وعاد الفريق البيروتي بفوز أثلج صدره وزحف الجمهور الكبير وراء فريقه الى الملعب وهو كان حافزه الوحيد كي يقلب الموقعة رأسا على عقب، تقدم «الغازية» بركلة جزاء عن طريق ستاندلي (4)، ثم أضاف محمود سيد الهدف الثاني (26)، وبه تراجع الفريق الجنوبي ما فسح في المجال أمام «النجمة كي يعيد انتشاره فضغط وتمكن من تضييق الفارق عبر حسن المحمد (39)، قبل أن يعادل محمد جعفر النتيجية (2ـ2)، (45+4) ويحرز محمود سبليني الهدف الثالث (77).

«الأنصار»
ويمكن القول عن «الأنصار» إنه ماض في السليم بالأسلوب الممتع وتحقيق النتائج الجيدة وقد ترفع القبعة للاعبيه ومجهوداتهم وهم يسطرون بأقدامهم هذا العرض والأداء ما يؤكد أن الفريق ماض بثبات وقادم بقوة وانسجام.
وافتتح أمير الحاف التسجيل في الدقيقة 35، من رمية ركنية تهادت في مرمى «الاجتماعي» ثم أضاف المتخصص غالان الثاني، مقابل فرص ضائعة بالجملة.

«الحكمة»
وحقق «الحكمة» أول فوز بالدوري عندما فاجأ «الساحل» بهدف محمد قصاص (64)، ورفع رصيده الى 7 نقاط فأنعش بذلك آماله وبدا يفكر جدياً بنتائج إيجابية أخرى.
يعكس الدوري المثل بـ«مضى القليل ولم يبقَ إلا الكثير» فالفرق الأربعة تتربص ببعضها وتنتظر اغتنام الفرص لتفتك ببعضها كروياً وفنياً ما سيرفع من حدة المباريات في أسابيع ستكون ملتهبة للغاية.

من المباريات
÷ «الصفاء» * «الراسينغ»
عضو الجهاز الفني في الصفاء أشرف محجوب: كان الفريق جيدًا واستحق الفوز وسيطر على المباراة بأكملها، علمًا أننا لم نتأثر بإصابة الحارس الأساسي مهدي خليل حيث سيخضع للمعالجة نتيجة الإصابة التي تعرض لها.
مساعد مدرب فريق الراسينغ سركيس عباجيان: لم يكن فريقنا بالمستوى المطلوب، والصفاء فريق كبير ومتصدر الترتيب واستحق الفوز، ونحن سنعمل جاهدين لاستعادة صورة الراسينغ المعروفة.
÷ «العهد» * «طرابلس»
حضر المباراة أكثر من 300 متفرج معظمهم من جمهور «العهد» وأضفوا جواً حماسياً، وعندما حاولوا الخروج عن النطاق الرياضي تدخل رئيس النادي تميم سليمان وطالبهم بتشجيع فريقهم فقط.
قائد «العهد» عباس عطوي: قدم فريقي مباراة كبيرة واستحق الفوز، «العهد» يتطور نحو الأحسن بعد كل مباراة وأثبت أنه جاهز للدوري والكأس وكأس آسيا.
قائد «طرابلس» عبد الله طالب: فاز «العهد» لأن لاعبيه لعبوا برجولة، بينما لعب فريقي بأنوثة، غابت الجدّية على أداء لاعبي «طرابلس» في الشوط الثاني وارتكب الدفاع أخطاءً قاتلة سمحت لـ«العهد» بالفوز بهذه النتيجة الكبيرة.
÷ «الأنصار» * «الاجتماعي»
مدرب «الأنصار» جمال طه: لعبنا مباراة جيدة لكن كان المطلوب تحقيق نتيجة أفضل، خصوصا بعد الفرص التي لاحت للاعبينا على مدى الشوطين، والحمدلله على الانطلاقة الجيدة في الإياب والتي حصد خلالها الفريق 15 نقطة من خمس مباريات، وهذا يدل على تحسن مستوى الفريق والهدف من ذلك الاستمرار في الضغط على فرق الصدارة.