هاجم المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأميركية دونالد ترامب بضراوة السعودية التي تواجه أعنف حملة انتقادات منظمة شملت تصريحات عدائية للرئيس باراك أوباما سبقها هجوم إعلامي غير مسبوق.

ومنذ توقيع الغرب مع إيران لاتفاق نووي نهائي بشأن ملفها النووي في يوليو الماضي، تكافح طهران لتحسين صورتها السلبية التي هيمنت على خطابات السياسيين والإعلاميين في الغرب لعقود، لكن الإجراءات الإيرانية تشمل في المقابل محاولات تشويه صورة الرياض، الحليف التاريخي للولايات المتحدة.

وكشف ترامب عن توافق يجمعه بأوباما في مقابلة مطولة أجراها عبر الهاتف مع صحيفة نيويورك تايمز عندما قال إن سياسته الخارجية ستتبع نهج “الولايات المتحدة أولا” التي ستمنع “استغلال” بلاده، ملمحا إلى إمكانية وقف شراء النفط من السعودية.

واتهم أوباما خلال مقابلته هذا الشهر مع مجلة “ذا أتلانتيك” السعودية بتأجيج الصراعات في الشرق الأوسط، ووصفها بأنها “تغرد خارج السرب في ما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية. وانتقد ما يراه تمويلا للرياض للتعصب الديني ورفضها التوصل إلى التعايش مع إيران.

وصارت إيران الرابح الأكبر من توقيع الاتفاق النووي، إذ باتت قادرة على الدفع في أوروبا والولايات المتحدة باتجاه تقديمها كقوة سلام جديدة في المنطقة. وفي المقابل تشهد محاولات السعودية مقاومة التحرك السياسي والإعلامي الإيراني تضييقا كبيرا.

وسمحت سياسة الانسحاب من الشرق الأوسط التي انتهجتها إدارة أوباما إلى صعود العلاقة مع السعودية وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة إلى أن تصبح أحد المحركات الرئيسية للحملات الانتخابية بين مرشحي الرئاسة.

واختصر ترامب، الذي قضى أغلب حياته في قطاع العقارات وأظهر ضحالة كبيرة في فهم سياسة بلاده الخارجية، علاقة واشنطن بالمنطقة في النفط.

وقال إنه سيقوم باستهداف النفط الذي يوفر جزءا كبيرا من تمويل التنظيم المتطرف، وتضييق الخناق على القنوات البنكية السرية لقطع تدفق الأموال.

ولمح ترامب، الذي دعا مرارا الحلفاء في الشرق الأوسط إلى نشر قوات برية في المعركة ضد تنظيم داعش، إلى “إمكانية” التوقف عن شراء النفط من دول مثل السعودية في حال لم تقم بذلك، أو أن تدفع للولايات المتحدة مستحقاتها لدورها في الحرب.

وفي وقت سابق اتهم نائب المستشارة الألمانية سيغمار غابرييل السعودية بـ”تمويل جماعات متشددة في الغرب”، وكرر اللورد بادي أشدون رئيس حزب الديمقراطيين الأحرار السابق في بريطانيا نفس الاتهامات.

وبعدما امتدت موجة انتقاد السعودية إلى مسؤولين كبار وسياسيين يحرصون على الحفاظ على علاقات وطيدة بإيران، انتقلت مؤخرا إلى قمة الأمم المتحدة.

وانهالت الانتقادات على السعودية التي تقود عملية عاصفة الحزم العسكرية لمواجهة انقلاب الحوثيين على الرئيس عبدربه منصور هادي في اليمن.

وقال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مؤخرا “هناك تقارير مقلقة عن استعمال القنابل العنقودية في هجمات على صنعاء ومواقع أخرى”، وأضاف “إن استعمال القنابل العنقودية في المناطق المأهولة بالسكان قد يشكل جريمة حرب”.

ولا تبدو السعودية مستعدة لقبول ضغوط الغرب الذي تتهمه بمحاولة فرض هيمنة إيران على المنطقة.

وفي أعقاب إعدام رجل الدين الشيعي المتشدد نمر النمر في السعودية مطلع العام، كان على الرياض التعامل مع حملة إعلامية عاتية دفعت سفير السعودية في لندن الأمير محمد بن نواف إلى التحذير بأن “العلاقات السعودية البريطانية في خطر”.

ويقول جايدون راتشمان المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط إن “شيئا قد تغير في علاقات الغرب مع السعودية. تستطيع قراءة ذلك في الصحف أو سماعه من السياسيين، وتستطيع رؤيته في تحول السياسات تجاه الرياض”.

ويعتقد كثيرون أن لوبيات إيرانية متعددة تعمل في عدة دول غربية تمكنت من إلصاق تهم “نشر الكراهية ودعم جماعات متشددة” بالسعودية.

لكن مراقبين سعوديين يتخوفون من أن هذه اللهجة الإعلامية التي اتخذت طابع التضخيم والتضليل، بدأت تنعكس على سلوك الحلفاء الغربيين الذين يرغبون على ما يبدو في إرسال رسائل للسعوديين بأن الغرب بدأ يدير ظهره للرياض.

ويقول راتشمان إن “صعود تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة، وازدهار النفط الصخري وقلة اعتماد الغرب على النفط السعودي كل ذلك أضعف تأثير السعودية الواسع في الغرب”.

وأضاف “هناك من يعيش في الغرب في أحلام يقظته التي تقوم على إنهاء العلاقات مع الرياض لصالح طهران. في عالمنا الواقعي هذا لا يمكن أن يحدث لأنه لا توجد أي ضمانات تشير إلى أنه بإمكان المعتدلين السيطرة على النفوذ في إيران التي تصر على دعم جماعات متشددة كحزب الله اللبناني وزعزعة استقرار جيرانها”.

وأكد أن “الميل باتجاه أكبر قوة شيعية سيستفز السنة، ويضخ المزيد من الوقود في جماعات مثل داعش”.

 

صحيفة العرب