بعد زيارته التاريخية الى كوبا، وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما، اليوم الأربعاء، الأرجنتين، حيث أعلن أن الحاق الهزيمة بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"- "داعش" يشكل أولوية قصوى بالنسبة الى إدارته.
وقال أوباما خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأرجنتيني ماوريسيو ماكري في بوينس أيرس: "إنها أولوية قصوى بالنسبة الي.. سنواصل قتال تنظيم الدولة الإسلامية حتى طرده من سوريا والعراق وحتى تدميره تماماً".
وأكد أن التحرك ضد الإرهابيين يسفر عن نتائج وأن التنظيم المتطرف الذي تبنى اعتداءات بروكسل ضعفت قواعده وخسر مناطق يسيطر عليها في سوريا والعراق، مشدداً على أن ضرورة "أن يتحد العالم ضد الإرهاب.. نستطيع وسنهزم من يهددون لا أمن شعبنا فحسب، بل (شعوب) العالم أجمع".
وفي تعليقه على اعتداءات بروكسل الأخيرة، قال أوباما، إن "الولايات المتحدة ستواصل عرض أي مساعدة يمكننا تقديمها لمساندة التحقيق في هذه الهجمات وجلب المهاجمين للعدالة"، مضيفاً "سنواصل أيضاً الملاحقة الشرسة لتنظيم الدولة الإسلامية حتى استئصاله من سوريا ومن العراق ودحره في النهاية".
وفي رد على دعوة المرشح الجمهوري المحتمل تيد كروز لرقابة بوليسية مشددة على الأحياء التي يعيش فيها عدد كبير من المسلمين، والتي ايدها زميله دونالد ترامب، واعتبرها "فكرة جيدة"، قال الرئيس الأميركي إن أحد أسباب عدم وقوع المزيد من الهجمات في الولايات المتحدة هو أن المجتمع المسلم في أميركا ناجح ووطني ومتحد.
واشار الى انهم "لا يشعرون بالعزلة.. لذا فإن أي فكرة لعزلهم أو استهدافهم للتمييز ليست فقط خاطئة وغير أميركية، بل ستكون أيضاً ذات نتائج عكسية لأنها ستقلل من القوة والأجسام المضادة التي نملكها لمقاومة الإرهاب".
ولفت أوباما النظر إلى أن والد كروز هاجر إلى الولايات المتحدة آتياً من كوبا، وهي "دولة تزاول هذا النوع من مراقبة الأحياء".
وقال: "فكرة أننا سنبدأ السير في هذا المنحدر الزلق غير منطقية على الإطلاق".
كما رفض أوباما دعوة أطلقها كروز العضو في مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، لإمطار كامل المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" بالقنابل، قائلاً "إن ذلك غير إنساني وستزود التنظيم المتشدد بوسيلة لتجنيد المزيد من المفجرين الانتحاريين".
والتقى الرئيس الأميركي، اليوم في بوينس أيرس الرئيس ماكري (وسط-يمين) لنسج علاقات جديدة بين الولايات المتحدة والأرجنتين بعد 12 عاماً من الخلافات.
ووصل أوباما، ظهراً غداة قيامه بزيارة تاريخية إلى هافانا دامت ثلاثة أيام، الى القصر الرئاسي في ساحة بلازا دي مايو، في العاصمة الأرجنتينية، لإجراء محادثات مع نظيره الأرجنتيني وتوقيع اتفاقات ثنائية في مجال الأمن ومحاربة تبييض الأموال والتجارة والاستثمارات.
وهي المرة الأولى التي يقوم فيها رئيس أميركي بزيارة رسمية الى الأرجنتين منذ زيارة بيل كلينتون في العام 1997.
وأثار موعد زيارة اوباما جدلاً في بوينس آيرس، إذ يصادف ذكرى بدء أول حكم ديكتاتوري عسكري في البلاد قبل أربعين عاماً. لكن موافقة واشنطن على طلب قديم برفع السرية الدفاعية عن وثائق الجيش ووكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" أدت الى تخفيف حدة التوتر على ما يبدو.
وكان ماكري ومعه "امهات وجدات ساحة مايو"، رموز النضال ضد الحكم العسكري، يطالبون بذلك.
وخلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، دعمت واشنطن باسم مكافحة الشيوعية، الأنظمة الديكتاتورية العسكرية في أميركا اللاتينية، وخصوصاً المجموعة العسكرية التي حكمت الأرجنتين.
وفي رسالة وجهها الى الرئيس أوباما، طلب الارجنتيني ادولفو بيريز ايسكيفيل، حائز نوبل للسلام، بالاعتراف بتواطؤ الولايات المتحدة مع الحكم العسكري الذي بث الرعب بإخفاء آلاف المعارضين. وقال إنه في هذه الحالة "نرحب بكم".
وكتب ايسكيفيل في رسالته أنه "في 1976 عندما كنت تبلغ من العمر 14 عاماً بدأنا المرحلة الأكثر مأسوية في تاريخنا.. مع تمويل للبناء العقائدي وتنسيق من الولايات المتحدة".
ويتوجه الرئيس الاميركي، صباح الخميس، الى "حديقة الذاكرة"، حيث حفرت على الحجر أسماء آلاف من ضحايا الحكم الديكتاتوري.
ويغادر العاصمة الأرجنتينية، ظهر الخميس، مع بدء مسيرة المواكب الى ساحة "مايو" لإحياء ذكرى مرور أربعين عاماً على انقلاب 1976.
وقال وزير حقوق الإنسان الارجنتيني كلاوديو افروخ إن "تورط الولايات المتحدة ليس موضع شك". وأضاف الوزير في حكومة ماكري: "بعد ذلك حدث تغيير مهم مع (الرئيس الأميركي الاسبق) جيمي كارتر" الذي وصل الى السلطة في العام 1977.
ولمّح الأمين العام للمؤتمر الأسقفي الأرجنتيني كارلوس مالفا، في نهاية الأسبوع الماضي، إلى أن فتح أرشيف الكنيسة حول الحكم الديكتاتوري الأرجنتيني قريب جداً أيضاً. وقال إن "تنظيم الوثائق يستغرق بعض الوقت".
وقال المتحدث باسم الكرسي الرسولي فيديريكو لومباردي إن العمل على فرز الارشيف "قد ينتهي خلال الأشهر المقبلة"، مضيفاً "بعد ذلك، يجب درس التوقيت والشروط" من أجل الرجوع الى الأرشيف.
وترى المؤرخة ايما سيبوتي أن أوباما هو وريث "خط ديموقراطي" ويجب تمييزه عن الجمهوريين مثل جيرالد فورد (1974-1977) أو رونالد ريغن (اعتباراً من 1981) الأقرب الى العسكريين.
وأصبح لدى اوباما والولايات المتحدة في بوينس آيرس محاوراً أكثر ليونة بعد 12 عاماً من حكم الرئيسين اليساريين نستور كيرشنر وزوجته كريستينا، في قطيعة مع واشنطن. وكانت السياسة الاقتصادية الحمائية لهما تثير استياء الأسواق.
وكان الزوجان كيرشنر يتهمان الولايات المتحدة بأنها مسؤولة عن الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد في العام 2001 بعد سياسات اقتصادية مفرطة في الليبرالية اتبعتها حكومة الرئيس كارلوس منعم.
وكما هو الأمر في كوبا، يبدو أنها مرحلة مصالحة. فماكري يريد تعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة وجذب الاستثمارات الأميركية الى الأرجنتين.
وقد ألغى في الأشهر الأخيرة مراقبة أسعار الصرف والقيود المفروضة على الاستيراد وسمح للشركات الأجنبية بإخراج أرباحها الى بلدانها.
ويبدو في الوقت نفسه ان النزاع القديم الذي يعود الى الأزمة الاقتصادية في العام 2001، في طريقه للتسوية.
وتنوي واشنطن الاستفادة من انتخاب ماكري لتوسيع تأثيرها في الارجنتين (ثالث اقتصاد في اميركا اللاتينية)، حيث تتراجع الحكومات المعادية للولايات المتحدة بسرعة.
وفي كوبا دعا أوباما الكونغرس الاميركي الذي يهيمن عليه الجمهوريون الى رفع الحظر المفروض على هافانا منذ العام 1962، مؤكداً أنه "عبء على الشعب الكوبي.. وعبء على الأميركيين الذين يريدون العمل والاستثمار في كوبا".
وقال الرئيس الاميركي: "جئت الى هنا لادفن آخر بقايا الحرب الباردة في الأميركيتين".

(أ ف ب، رويترز)