خلص مقال في "فورين أفيرز" إلى أن "حزب الله" هو الخاسر الأكبر من الاتفاق النووي الموقع الصيف الماضي بين ايران ومجموعة الست.. كيف؟

 

فقد كتب الباحث جوناثان شانزر أن قرار تسليم إيران 100 مليار دولار من أموالها المجمدة في المصارف، بعد رفع العقوبات الدولية عنها بموجب الاتفاق النووي، هو الأمر الأسوأ الذي حصل لـ"حزب الله" منذ سنوات.

علناً، أشاد الحزب بالاتفاق. فطهران تمدّه سنوياً بما يتراوح بما بين 100 و200 مليون دولار. ومع رفع العقوبات، قد يتدفق مزيد من الأموال إلى الحزب، حيث يمكن أن يحولها الى مزيد من الاسلحة وبرامج تدريب ومعدات أخرى.

ومع ذلك، يلفت شانزر الى أن "يوم الدفع أتى حين قرر الخصوم الخليجيون لإيران معاقبة الحزب على إذكائه الحروب الطائفية في المنطقة. فموقع الحزب على خطوط الجبهة في سوريا لدعم الأسد، لم يكن عابراً، وكذلك التقارير عن مشاركة الحزب في القتال إلى جانب الحوثيين".

الإجراءات الخليجية

وفي هذا السياق، ذكّر شانزر، وهو محلل سابق لشؤون تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية، بالاجراءات التي اتخذتها دول مجلس التعاون الخليجي ضد الحزب، بتصنيفه منظمة إرهابية وتجميد أصوله، وإلغاء السعودية مساعدة مالية قدرها ثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن، إضافة الى تصنيف جامعة الدول العربية أيضاً الحزب "منظمة إرهابية".

وهذه الاجراءات تعتبر تطوراً كبيراً نظراً إلى أن الحزب كان يحظى بشعبية واسعة في العالم العربي بسبب إرغامه إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000 ومواجهته إياها بشراسة على مدى شهر عام 2006. ومع ذلك، كان اجتماع جامعة الدول العربية واضحاً في أن الدول العربية ستحذو حذو مجلس التعاون الخليجي وتمنع الحزب من استخدام قطاعها المصرفي وشركاتها.

والمعلوم أن "حزب الله" يواجه المعاملة نفسها في الغرب، حيث يعتبر "منظمة إرهابية" في شكل من الأشكال في أستراليا وكندا وفرنسا وهولندا ونيوزيلندا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. وأخيراً، أقرّ الكونغرس قانوناً لدعم جهود وزارة الخزانة لملاحقة الأصول المالية للحزب حول العالم.

وحتى الرئيس الروسي فلايمير بوتين يدرك حدود سياسات بلاده التي تخدم الحزب. وفي وقت سابق هذا الشهر، تحدثت تقارير عن وقف رجل روسيا القوي أنظمة صواريخ أرض- جو متطورة يمكن أن تكون كاسرة للتوازن، بقدرتها على وقف هجوم على المنشآت النووية الإيرانية. وقد اتخذ بوتين هذا القرار عدما زودته اسرائيل بمعلومات عن أن طهران تمرر صواريخ روسية من طراز "أس إي 22" الى "حزب الله".

حرب مقبلة

وتخشى إسرائيل أن يكون الحزب أكثر تجهيزاً في الحرب المقبلة نتيجة إنهاء العقوبات الدولية عن طهران. وقد رفعت القيادات العسكرية الإسرائيلية أخيراً تقديراتها للترسانة الصاروخية للحزب من 100 ألف إلى 150 ألف صاروخ.

وأشارت سلسلة تقارير إلى أن اسرائيل تخطط لتوجيه ضربة سريعة للحزب في أي نزاع مقبل، وهو ما أكده مسؤولون اسرائيليون كبار، موضحين أن الحزب صار التحدي الأكثر الحاحاً لاسرائيل بسبب الدعم الذي يفترض أن يحصل عليه نتيجة الاتفاق النووي الإيراني. وأقروا بأن الحزب ليس منظمة إرهابية فحسب، وإنما قوة عسكرية حقيقية، وأقوى من 80 في المئة من جيوش العالم، مع أكثر من 40 ألف مقاتل وأنظمة للدفاع الجوي وأنفاق لعمليات الكوماندوس وطائرات من دون طيار.

ومع أنه نادراً ما تكون مثل هذه الأمور صحيحة، فإن ضربة وقائية إسرائيلية مفاجئة تجرد الحزب من هذه الامتيازات ليست مستبعدة. وفي الوقت الذي تهب فيه رياح الحرب في إسرائيل، يحارب الحزب بعناد لمصلحة إيران في سوريا واليمن. وهاتان الحربان تركتا أثرهما. فالتقارير الواردة من سوريا تفترض أن الحزب نشر ما بين ستة آلاف وثمانية الاف مقاتل في الحرب، إلا أنه خسر 1300 منهم.

(فورين أفيرز – 24)