دق أكراد سورية عموداً رئيساً في وداع «سورية القديمة»، لدى إعلانهم أمس في الذكرى الخامسة لبدء الثورة قيام «الاتحاد الفيديرالي» بين أقاليم «روج آفا» (غرب كردستان) و «أقاليم شمال سورية»، في مناطق تعتبر الثروة الاقتصادية للبلاد، باحتوائها النفط والغاز والزراعة ومرور نهر الفرات فيها. وتصح على هذه المناطق مجتمعة تسمية «سورية المفيدة» وليس مناطق النظام التي تمتد من دمشق الى طرطوس الساحلية وتضم مدناً ومصانع وتجارة ومطارات وموانئ، ولا مناطق «داعش» الصحراوية.

وقال رئيس «الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم لـ «الحياة» أمس، إن «سورية ذات الحكم الواحد والحكم المركزي انتهت، وبدأت أمس خطوة رئيسة في تأسيس سورية الفيديرالية الديموقراطية. نحن ضد الحكم الواحد وضد المركزية المطلقة، ونؤيد اللامركزية، وإعلان الفيديرالية يعزز وحدة سورية على أساس علاقة جديدة بين الأقاليم ودمشق- المركز».

وبحسب رئيس «الاتحاد الديموقراطي»، جرى في ٢٠١٢ «تحرير مناطق روج آفا»، أي مناطق ذات غالبية كردية شمال سورية وشمالها الشرقي قرب حدود تركيا، ويسميها الأكراد «غرب كردستان»، حيث «بقيت مناطقنا محررة لسنة من دون إدارة ومن دون نظام إلى أن أعلنا في نهاية ٢٠١٣ الإدارات الذاتية الديموقراطية في إقليمي الجزيرة وكوباني شرقاً وعفرين شمالاً».

ومع مرور الوقت «تطورت مؤسسات الإدارات العسكرية والاقتصادية والأمنية» وتطورت «وحدات حماية الشعب» و «وحدات حماية المرأة» التي تضم أكثر من ٥٠ ألف مقاتل (هناك خطة لرفع العدد الى مئة ألف) وكان لها «دور رئيسي في تحرير المناطق من داعش، بينها مناطق ذات غالبية عربية، مثل تل أبيض (على حدود تركيا) والشدادي في ريف الحسكة». وأضاف مسلم: «كان لا بد من التفكير في طبيعة العلاقة بين روج آفا والمناطق العربية، فاجتمع في اليومين الماضيين حوالى ٢٠٠ شخص لمناقشة فيديرالية وتوصلوا إلى إعلان الاتحاد بين روج آفا وشمال سورية» على أن تشمل لاحقاً مدينة الرقة بعد طرد «داعش» منها بدعم التحالف الدولي بقيادة أميركا.

وعقد المؤتمر في نادي العمال، الذي كان مركزاً لحزب «البعث» الحاكم في مدينة الرميلان التي تضم أحد أكبر آبار النفط السورية، وناقش وثائق الفيديرالية. وتتحدث مسودتا وثيقتي «المجلس التأسيسي» اللتين حصلت عليهما «الحياة» عن خلفيات تاريخية و «الدمار الذي سببته الدولة القومية» للوصول إلى أن «الحل الواقعي هو نموذج الأمة الديموقراطية والفيديرالية الديموقراطية». وقال مسلم إن المؤتمرين انتخبوا رئيسين للاتحاد واختاروا لجنة من ٣١ شخصاً لوضع أسس «الفيديرالية» خلال ستة أشهر في مؤتمر تأسيسي يعقد بحضور ٢٠٠-٣٠٠ شخص.

وبالنسبة إلى مسلم، فان الفيديرالية يجب أن تقوم على «المكونات وليس الجغرافيا»، الأمر الذي يشكل خلافاً جوهرياً مع الحكومة السورية والمعارضة، إضافة إلى خلاف آخر يتمثل في تفضيل الطرفين الأخيرين «مبدأ اللامركزية» بدل «الفيديرالية» لقلقلهما من «التقسيم»، علماً أن بيانات «المجموعة الدولية لدعم سورية» والقرار الدولي ٢٢٥٤ أكدوا على وحدة سورية وسط أنباء عن اتجاه لإصدار قرار دولي جديد يتضمن مبادئ دستورية، بينها «اللامركزية». وأوضح مسلم: «نحن مع اللامركزية، لكننا ضد المركزية المطلقة ونظام الحكم الواحد». وزاد: «دمشق عاصمة البلاد ومركز الاتحاد الفيديرالي، لكن صلاحيات إدارة البلاد والتنسيق بين الأقاليم خاضع للحوارات مستقبلاً بما ذلك السياسية الخارجية والدفاع وإدارة ثروة البلاد».

وأطلع مسلم ومسؤولون أكراد مسؤولين أميركيين وروساً على وجهات نظرهم إزاء الإدارات الذاتية والفيديرالية باعتبارها نماذج لسورية المستقبل، لكنه حرص على التأكيد «أننا لم نأخذ إذن احد وأي دولة»، وأن أي اتصالات رسمية لم تجر بعد إعلان أمس «سوى ما سمعناه بالإعلام»، مع العلم أن موسكو أكثر المتحمسين لـ «الخيار الكردي» سياسياً وعسكرياً.