«نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء»، بهذا القول يلخّص أحمد شوقي مراحل التعارف بين البشر. فالعلاقات الإنسانية الاجتماعية تقوم على التبادل والتفاعل، ومنها العاطفية، والاقتصادية، الطويلة أو القصيرة الأمد. إلّا أنّ جميع هذه العلاقات مبنية على الحوار والتواصل بين الناس، وعلى تبادل المعلومات والآراء والانفعالات والعواطف. لا يَرتكز التواصل فقط على الكلام والأحاديث المتبادلة، بل يتخطّاهما، خصوصاً في العلاقة الزوجية، إلى الإشارات والإيماءات الجسدية، نبرة الصوت، النظرات، الهدايا، العناق والقبلات، وصولاً إلى العلاقة الجنسية بين الزوجين.

وقد يكون الاتصال بين الزوجين بطريقة غير مباشرة، عبر الهاتف، أو الرسائل الإلكترونية، ويمكن أن يتواصَلا من خلال وسيط ثالث، لتقريب وجهات النظر بينهما، ربّما، أحياناً.

إلّا أنّ هذه الرسائل بين الزوجين لا تحمل دائماً الحبّ والوصال والأشواق، إنّما قد تعبّر عن الصراع والغضَب المتبادلين، إذ لا بدّ من المشاكل في الحياة الزوجية. وحينها يتحوّل الغزل إلى جدال، ويغزو الكلام الجارح الجوّ، وقد يصل الأمر بالزوجين إلى التدافع الجسَدي والعنف الزوجي.

ويمكن أن يعبّر الزوجان عن سوء التواصل بينهما بانقطاع الحوار نهائياً، فيَغيب الكلام والنقاش كلّما زادت المشاكل وعوامل التفرقة، ويَغرقان في صمت طويل أحياناً، لا يَخترقه كلام، ولا رسالة، ولا نظرة ولا حتى ملامسة. إلّا أنّ هذا الصمت يشكّل بدوره طريقة للتعبير بين الشريكين.

ما أسباب الصمت الزوجي؟

• الحزن والغضب.
• تلقّي الإساءة من الشريك.
• تجاهل الشريك واتّهامه باطلاً.
• الكبتُ وعدم القدرة على التعبير عن المعاناة.
• عدم احترام الشريك.
• فقدان القدرة على التحمّل.
• وجود الحب والحوار والتفاهم خارج العلاقة الزوجية.
• الامتناع عن معالجة المشاكل الزوجية.
وتختلف دوافع الصمت بين الرجل والمرأة.


لماذا يَصمت الرجل؟

عندما يواجه الرجل مشكلة، في عمله ربّما، ويَعجز عن إيجاد حلّ لها في الوقت الراهن، يَصمت كي لا يعترف بضعفه وعجزه أمام المرأة. كذلك يَصمت لأنه بطبيعته يميل إلى الانسحاب والعزلة عند مواجهة المشاكل، وليتمكّن من التركيز عليها لإيجاد الحلول المناسبة لها. وقد يصمت بسبب إلحاح المرأة لمعرفة سبب سكوته. وأيضاً لأنّه لا يمتلك القدرات الكلامية التي تمتلكها المرأة.

هل تصمت المرأة؟

نادراً ما تصمت المرأة، فهي بطبيعتها مؤهّلة بقدرات كلامية فائقة، كما أنّها تعبّر عن حبّها وفرحها وحزنها ومعاناتها بالكلام، وذلك لميلِها للتعاطف مع من حولها، ورغبتها بمشاركة مشاعرها في الأفراح والأتراح. هي تشكو لزوجها تعبَ النهار، ومشاكلها في العمل، وما يُنبئها به حدسها... إلّا أنّ المرأة تصمت في حال رغبَت بمعاقبة شريكها، على إهماله لها وانشغاله عنها، وربّما لعدم سماعه شكواها.

إنّ حلول الصمت ضيفاً على العلاقة الزوجية، بغَضّ النظر عن الطرف الذي يعتمده، هو مؤشّر إلى العزلة الزوجية، ودليل على احتمال اقتراب نهاية غير سعيدة لهذه الحياة.