لا فارق إن استضاف تمام بليق نوح زعيتر أو أبو سليم. ولا إن طبَّل للضيف أو جعله سخرية. النتيجة واحدة. برنامج "بلا تشفير" ("الجديد") لا يتغيّر: مستواه صفر. المؤسف أن يستضيف مقدّمه صلاح تيزاني، فتتحوّل الحلقة ذلاً للضيف ومهزلة.

  يسمح تيزاني لنفسه بأن يغدو اسماً مثيراً للشفقة، لا هَمّ له سوى استعطاف الآخرين وجعلهم يبكون عليه. ندرك أنّها حال الفنان في أوطان لا تأبه، لكنّ هذا لا يبرّر وضعيات الذلّ التي يتمسّك بها ويظنّها خلاصه. بحضوره إلى برنامج بليق وإعلان رضاه على مستوى الحلقة، فرّغ أبو سليم نفسه من الهيبة، فإذا ببليق يقضي عليه بنبرته وأسئلته، متذرعاً برفض نهايته المزرية.

فخَّم بليق جُمل الترحيب، وأغدق على الضيف عبارات كان الظنّ أنّها للتقدير، لكن على العكس، راحت تتقن تفريغ أبو سليم من كلّ شيء. بلغ ببليق الحدّ أن سأله كم يملك من المال في جيبه (!!!)، فإذا بالضيف ينصاع للإهانة ويجيب بأنه يملك 35 ألف ليرة(!)، مُقدماً بمعية بليق مشهداً تلفزيونياً بائساً.

للإنسان في سنّ أبو سليم ووضعه أن يغضب ويلوم مَن تقاعس عن التقدير وإدراك قلق الشيخوخة، لكن ليس له أن يملأ الشاشة استعطاءً لا يليق به. يحلو لبليق أن يكرّر أبو سليم بأنه لا يملك سقفاً، ويطلب من الدولة أن تُسدد له ثمن الوسام الذي ستضعه على نعشه، ثم قوله إنه سيبيع ما تلقاه من أوسمة ليؤمن تكاليف العيش.

له أن يقول أكثر، إنما من دون استذلال على هذا الشكل. أتى أبو سليم إلى بليق، ولعلّه عارفٌ أيّ المستويات يمثّلها برنامجه. صُوّر الضيف على هيئة هزيلة؛ الدمع عالقٌ في العينين، اليدان ترتجفان، والموسيقى الدرامية ترافق المشهد. وكان أن رفع بليق صورة شقّة وأذلّ الضيف مجدداً. مؤسفٌ أن يسمح أبو سليم لنفسه والآخرين بالتسوّل على يده المكسورة  

النهار