تتداول أوساط سياسية معلومات عن زيارة مرجّحة لرئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون، إلى العاصمة الروسية موسكو، حاملاً معه ملفات ترتبط بالوضع اللبناني وفي طليعته الرئاسة الأولى والوضع الإقليمي وفي أولويته مصير المسيحيين في الشرق. ومن الطبيعي أن يعرض عون امام المسؤولين الروس رؤيته البرنامجية لكيفية معالجة وإدارة الملفات المطروحة بما يشبه البرنامج الرئاسي الذي سيعمل على تنفيذه في حال وصوله الى سدة الرئاسة.
هذا التطور النوعي فرض أسئلة كثيرة لعل أهمها: ماذا تعني هذه الزيارة من أبعاد وماذا تحمل من رسائل؟
أول معاني تلك الزيارة، في حال حصولها، ان الجنرال عون، من حيث أرادت القيادة الروسية أم لم ترد، أخذ ترشيحه من مكان الى آخر، اي من المكان المحكوم بتوازنات ومواقف معروفة غير قابلة للتغيير إنما آيلة الى مزيد من التعقيد، الى مكان يعتقده أوسع وأرحب وهو الفضاء الروسي الآخذ في الاتساع في فضاءات دولية وإقليمية متعددة».
هذا يعني أن عون ذهب بمشروعه الرئاسي ووضعه في حضن الدب الروسي الذي استفاق من سباته الذي فرضته تحوّلات العقد الأخير من القرن الماضي، وهو يراهن على «روليت» رئاسية حظوظ نجاتها من رصاصة الرحمة كبيرة نسبياً. فالروس أصبحوا شركاء في كل شيء إنْ بتسوية النظام الجديد في سوريا في حال إتمامها، او في مسألة ترشح او عدم ترشح الرئيس السوري بشار الاسد مجدداً، وفق الحل السياسي، إذا أنجز وإذا طرحت هذه المسألة، اي إذا سمح الروس بوضعها على طاولة التفاوض مع الجانب الاميركي.. ولم يعد خافياً على احد ان الروس صاروا شركاء في كل شيء، حتى أن بعض المتحمّسين يعتقدون أنه «لن تسقط ورقة في المنطقة من دون موافقة روسيا بعد اليوم».
يكتفي هؤلاء المتحمّسون بالإشارة الى مسألة أساسية كمثال على النفوذ الروسي المتعاظم. وتقول: كم هوّلت تركيا رجب طيب اردوغان ومعها سعودية محمد بن سلمان بأنهما على وشك الدخول البري العسكري الى سوريا؟ ليتراجعوا سريعاً عن هذا التهويل، ولم يكلّف هذا الامر الروسي سوى النطق بجملة واحدة قال مثلها الأميــن العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله وهي «أن التدخل البري العسكري سيغيّر الموازين في المنطقة».. ولم يقل أكثر.
إذاً، عون ذاهب الى روسيا وفق هذه الوقائع ومن منطلق رهانات يُمني النفس بأن تكون خواتيمها إيجابية. ولكن هناك أمور تجري وتطورات تتسارع وهي طويلة المدى، بينما لبنان يتحرّق لأجل انتخاب رئيس جمهورية، اما اصحاب القرار الفعلي فهم ليسوا بهذه الحال.
ويبقى السؤال: هل ينقل الجنرال عون ترشيحه من الإطار اللبناني، بعدما وصلت كل محاولات تسويق هذا الترشيح إلى حائط مسدود، الى الإطار الإقليمي ـ الدولي بتوازناته التي ظهرت جلية منذ نحو سنة في ساحتها الأبرز سوريا؟ سؤال يطرح نفسه بقوة، خصوصاً بعد الإفصاح العوني الصريح عن سياق آخر ستسلكه عملية إدارة الملف الرئاسي بعد جلسة 2 آذار والتي كان مصيرها كسابقاتها من حيث التأجيل إلى موعد ينتصف بين مناسبتَيْ عيد الام في 21 من الشهر الحالي وعيد البشارة في 25 منه، والتي يسرّب أن جهداً خفياً غير مسبوق يُبذَل في أكثر من عاصمة لجعلها جلسة الحسم في الرئاسة الأولى، بحيث تكون «بشارة العهد الرئاسي الجديد».